فصل: (الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الْمُوَالَاةِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الْمُوَالَاةِ):

يَكْتُبُ فِيهَا هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ فُلَانًا كَانَ نَصْرَانِيًّا أَوْ يَهُودِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا أَوْ حَرْبِيًّا عَابِدَ وَثَنٍ فَهَدَاهُ اللَّهُ تَعَالَى- إلَى الْإِسْلَامِ وَزَيَّنَهُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَبِحَبِيبِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَرَّهَ إلَيْهِ مِلَّةَ الْكُفْرِ وَأَكْرَمَهُ بِالتَّقْوَى وَخَلَعَ عَنْهُ لِبَاسَ الشِّرْكِ وَأَلْبَسَهُ لِبَاسَ التَّوْحِيدِ وَمَنَّ عَلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ وَوَحْدَانِيِّتِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ وَالتَّصْدِيقِ بِهِ وَالْبَرَاءَةِ عَمَّا كَانَ فِيهِ مِنْ الْكُفْرِ وَالطُّغْيَانِ وَأَجْرَى عَلَى لِسَانِهِ كَلِمَةَ الْإِخْلَاصِ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَبْعَدَهُ مِنْ الْكُفْرِ وَالضَّلَالَةِ وَعِبَادَةِ الطَّاغُوتِ وَدَلَّهُ إلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِعِبَادِهِ وَنَجَّاهُ مِنْ أَلِيمِ عِقَابِهِ وَجَعَلَ إسْلَامَهُ عَلَى يَدَيْ فُلَانٍ فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ وَالَاهُ وَعَاقَدَهُ لِيَعْقِلَ عَنْهُ مَا دَامَ حَيًّا إنْ جَنَى جِنَايَةً يَجِبُ أَرْشُهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُ مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ وَيَرِثُهُ إذَا مَاتَ فَهُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِي مَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَلِعَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ يَرِثُهُ فَوَالَاهُ عَلَى ذَلِكَ وَعَاقَدَهُ مُوَالَاةً صَحِيحَةً جَائِزَةً وَقَبِلَ فُلَانٌ مُوَالَاتَهُ هَذِهِ عَلَى مَا وُصِفَ فِيهِ قَبُولًا صَحِيحًا.
وَقَدْ جَعَلَ فُلَانٌ لِهَذَا الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ وَوَالَاهُ وَعَاقَدَهُ عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ أَنْ لَا يَتَحَوَّلَ بِوَلَائِهِ هَذَا عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَأَلْزَمْ نَفْسَهُ بِهَذِهِ الْمُوَالَاةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الَّتِي جَرَتْ بَيْنَهُمَا النُّصْرَةَ وَالْمَعُونَةَ لَهُ وَضَمِنَ لَهُ الْوَفَاءَ بِذَلِكَ كُلِّهِ مَا لَمْ يَتَحَوَّلْ بِوَلَائِهِ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَأَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ.
(نُسْخَةٌ أُخْرَى فِي هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَازِ) هَذَا مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ إلَى قَوْلِنَا أَنَّ فُلَانًا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ فُلَانٍ وَحَسُنَ إسْلَامُهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مُسْلِمٌ قَرِيبٌ، وَلَا بَعِيدٌ مِنْ عَصَبَةٍ أَوْ صَاحِبِ فَرْضٍ أَوْ ذِي رَحِمٍ فَوَالَى هَذَا الَّذِي أَسْلَمَ فُلَانًا، وَهُوَ الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ مُوَالَاةً صَحِيحَةً وَعَاقَدَهُ مُعَاقَدَةً جَائِزَةً عَلَى أَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ لَوْ جَنَى جِنَايَةً تَعْقِلُهَا الْعَاقِلَةُ شَرْعًا وَيَرِثُهُ إنْ مَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا قَرِيبًا، وَلَا بَعِيدًا أَوْ قَبِلَ فُلَانٌ هَذِهِ الْمُوَالَاةَ، وَهَذِهِ الْمُعَاقَدَةَ قَبُولًا صَحِيحًا.
وَذَلِكَ فِي صِحَّةِ أَبْدَانِهِمَا وَثَبَاتِ عُقُولِهِمَا وَجَوَازِ أُمُورِهِمَا طَائِعِينَ رَاغِبِينَ لَا عِلَّةَ بِهِمَا تَمْنَعُ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ وَالْإِقْرَارِ وَجَعَلَ هَذَا الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى نَفْسِهِ عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ أَنْ لَا يَتَحَوَّلَ بِوَلَائِهِ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ.
وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مُوَالَاةً لَازِمَةً فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ بِوَلَائِهِ إلَى غَيْرِهِ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ، وَلَوْ وَالَى رَجُلًا قَدْ أَسْلَمَ نَفْسَهُ لَا عَلَى يَدَيْهِ يَصِحُّ وَيَكْتُبُ فِيهِ: شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا أَسْلَمَ وَحَسُنَ إسْلَامُهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مُسْلِمٌ قَرِيبٌ، وَلَا بَعِيدٌ فَوَالَى فُلَانًا مُوَالَاهُ صَحِيحَةً جَائِزَةً وَعَاقَدَهُ عَلَى أَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ إلَى آخِرِهِ، وَإِنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَلَمْ يُوَالِهِ وَوَالَى غَيْرَهُ صَحَّ وَيَكْتُبُ فِيهِ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ فُلَانٍ، وَلَمْ يُوَالِهِ، وَلَمْ يُعَاقِدْهُ وَوَالَى فُلَانًا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ.
وَإِنْ جَنَى هَذَا الَّذِي أَسْلَمَ جِنَايَةً يَبْلُغُ أَرْشُهَا خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهَا عَقَلَهُ الْمَوْلَى الْأَعْلَى وَعَاقِلَتُهُ وَيُكْتَبُ فِيهِ: شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا أَسْلَمَ وَوَالَى فُلَانًا بِتَارِيخِ كَذَا عَلَى أَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ إذَا جَنَى جِنَايَةً يَبْلُغُ أَرْشُهَا خَمْسُمِائَةٍ وَيَرِثُ عَنْهُ إذَا مَاتَ فَيَكُونُ أَوْلَى بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ وَقَبِلَ فُلَانٌ ذَلِكَ مِنْهُ وَكَتَبْنَا بَيْنَهُمَا كِتَابًا وَهَذِهِ نُسْخَتُهُ وَإِنْ شَاءَ الْكَاتِبُ يَكْتُبُ، وَكَتَبْنَا بِذَلِكَ كِتَابًا بِتَارِيخِ كَذَا بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَهَذِهِ نُسْخَتُهُ ثُمَّ يُكْتَبُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيُنْسَخُ الْكِتَابُ الَّذِي كَتَبْنَا بَيْنَهُمَا ثُمَّ يُكْتَبُ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ: وَإِنَّ فُلَانًا هَذَا جَنَى جِنَايَةً أَرْشُهَا خَمْسُمِائَةٍ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ يُبَيَّنُ مِقْدَارُهُ وَذَلِكَ فِي حَالٍ لَمْ يَكُنْ انْتَقَلَ بِوَلَائِهِ عَنْهُ وَإِنَّ فُلَانًا وَقَوْمَهُ عَقَلُوا ذَلِكَ عَنْهُ بِقَضَاءِ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ قَضَى بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ نَافِذُ الْقَضَاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ بِوَلَائِهِ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ بَعْدَ لُزُومِ هَذَا الْوَلَاءِ بِهَذَا السَّبَبِ.
وَإِنْ أَسْلَمَ ذِمِّيَّانِ وَوَالَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ يُكْتَبُ فِيهِ: شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا كَانَا جَمِيعًا نَصْرَانِيَّيْنِ فَهَدَاهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَا وَحَسُنَ إسْلَامُهُمَا وَأَنَّهُمَا بَعْدَمَا أَسْلَمَا وَالَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَعَاقَدَهُ مُوَالَاةً صَحِيحَةً جَائِزَةً لِيَتَحَمَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ مَا دَامَا فِي الْأَحْيَاءِ إنْ جَنَى أَحَدُهُمَا جِنَايَةً يَبْلُغُ أَرْشُهَا خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا وَيَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ إذَا مَاتَ صَاحِبُهُ أَيُّهُمَا مَاتَ أَوَّلًا فَلِلْبَاقِي مِنْهُمَا وَلَاءُ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا وَوَلَاءُ عَتِيقِهِ مِنْ بَعْدِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَارِثٌ مُسْلِمٌ قَرِيبٌ أَوْ بَعِيدٌ بِفَرْضٍ أَوْ عَصَبَةٍ أَوْ رَحِمٍ فَوَالَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى ذَلِكَ مُوَالَاةً صَحِيحَةً وَعَاقَدَهُ مُعَاقَدَةً جَائِزَةً وَقَبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَذِهِ الْمُوَالَاةَ وَهَذِهِ الْمُعَاقَدَةَ مِنْ صَاحِبِهِ قَبُولًا صَحِيحًا وَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ عَلَى نَفْسِهِ عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ أَنْ لَا يَتَحَوَّلَ بِوَلَائِهِ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَضَمِنَ لَهُ الْوَفَاءَ بِذَلِكَ وَأَشْهَدَا وَيَتِمُّ الْكِتَابُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

.(الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي الْأَشْرِيَةِ):

إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَشْتَرِيَ دَارًا أَوْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ لِذَلِكَ كِتَابًا يَكْتُبُ: هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي ذَكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهَا مِلْكَهُ وَحَقَّهُ وَفِي يَدَيْهِ وَمَوْضِعُهَا فِي مِصْرِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا فِي سِكَّةِ كَذَا فِي زُقَاقِ كَذَا بِحَضْرَةِ مَسْجِدِ كَذَا وَهِيَ الدَّارُ الثَّالِثَةُ مِنْ دُورِهِ أَوْ الرَّابِعَةُ وَهِيَ عَنْ يَمِينِ الدَّاخِلِ فِيهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ وَتَشْتَمِلُ هَذِهِ الدَّارُ عَلَى حُدُودٍ أَرْبَعَةٍ حَدُّهَا الْأَوَّلُ لَزِيقُ الدَّارِ الْمَعْرُوفَةِ لِفُلَانٍ أَوْ الدَّارِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، أَوْ يَكْتُبُ: حَدُّهَا الْأَوَّلُ لَصِيقُ الدَّارِ الْمَعْرُوفَةِ لِفُلَانٍ، أَوْ يَكْتُبُ: تَلِي الدَّارَ الْمَعْرُوفَةَ لِفُلَانٍ، أَوْ يَكْتُبُ: يُلَاصِقُ، أَوْ يَكْتُبُ: يُلَازِقُ الدَّارَ الْمَعْرُوفَةَ لِفُلَانٍ وَيَكْتُبُ الْحَدَّ الثَّانِيَ وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ كَذَلِكَ وَفِي الرَّابِعِ يَذْكُرُ لَزِيقَ هَذِهِ السِّكَّةِ وَإِلَيْهِ بَابُهَا وَمَدْخَلُهَا، فَاشْتَرَى هَذَا الْمُشْتَرِي الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ هَذَا الْبَائِعِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا أَرْضِهَا وَبِنَائِهَا سُفْلِهَا وَعُلْوِهَا وَطُرُقِهَا.
وَمَسِيلُ مَائِهَا مِنْ حُقُوقِهَا وَمَرَافِقُهَا الَّتِي هِيَ لَهَا مِنْ حُقُوقِهَا وَكُلُّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا مِنْ حُقُوقِهَا وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَخَارِجٌ مِنْهَا وَكُلُّ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ بِهَا وَمَنْسُوبٌ إلَيْهَا مِنْ حُقُوقِهَا بِكَذَا كَذَا، يَذْكُرُ جِنْسَ الثَّمَنِ وَنَوْعَهُ وَقَدْرَهُ وَصِفَتَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ تَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ، نِصْفُهَا كَذَا شِرَاءً صَحِيحًا جَائِزًا نَافِذًا بَاتًّا بَتَّةً خَالِيًا عَنْ الشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ وَالْمَعَانِي الْمُبْطِلَةِ وَالْعُدَّةِ الْمُوهِنَةِ لَا خِلَابَةَ فِيهِ وَلَا خِيَانَةَ وَلَا وَثِيقَةَ بِمَالٍ وَلَا مُوَاعَدَةَ وَلَا رَهْنَ وَلَا تَلْجِئَةَ بَلْ بَيْعُ رَغْبَةٍ وَإِزَالَةُ مِلْكٍ وَشِرَاءُ جِدٍّ، وَقَبَضَ هَذَا الْبَائِعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ جَمِيعَ هَذَا الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ جِنْسُهُ وَنَوْعُهُ وَقَدْرُهُ وَصِفَتُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ تَامًّا وَافِيًا بِإِيفَاءِ الْمُشْتَرِي هَذَا ذَلِكَ كُلَّهُ إيَّاهُ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ لَا بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ وَإِبْرَاءٍ.
وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي هَذَا جَمِيعَ مَا وَقَّعَ عَلَيْهِ عُقْدَةَ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ بِتَسْلِيمِ الْبَائِعِ هَذَا الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْكِتَابِ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَيْهِ فَارِغًا عَنْ كُلِّ مَانِعٍ وَمُنَازِعٍ وَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ هَذَا الْعَقْدِ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَتَمَامِهِ وَنُفُوذِهِ وَانْبِرَامِهِ وَتَقَرُّرِهِ وَاسْتِحْكَامِهِ تَفَرُّقَ الْأَبْدَانِ وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ إقْرَارِ هَذَيْنِ الْعَاقِدَيْنِ أَنَّهُمَا رَأَيَا ذَلِكَ كُلَّهُ وَعَرَفَاهُ وَرَضِيَا بِهِ فَمَا أَدْرَكَ هَذَا الْمُشْتَرِي مِنْ دَرْكٍ فِي ذَلِكَ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ مِنْ حُقُوقِهِ فَعَلَى الْبَائِعِ هَذَا تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ وَأَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِذَلِكَ كُلِّهِ مَنْ كَتَبَ اسْمَهُ فِي آخِرِهِ بَعْدَ أَنْ قَرَأَ عَلَيْهِمَا بِلِسَانٍ عَرَفَاهُ بِهِ وَأَقَرَّا أَنَّهُمَا قَدْ فَهِمَاهُ وَأَحَاطَا بِهِ عِلْمًا، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي حَالِ صِحَّةِ أَبْدَانِهِمَا وَكَمَالِ عُقُولِهِمَا طَائِعَيْنِ غَيْرَ مُكْرَهَيْنِ لَا عِلَّةَ بِهِمَا وَلَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ مَرَضٍ وَلَا غَيْرِهِ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَنَفَاذَ التَّصَرُّفِ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا بِسَنَةِ كَذَا فَهَذَا الصَّكُّ أَصْلٌ فِي جَمِيعِ الْأَشْرِيَةِ ثُمَّ تَخْتَلِفُ الْأَلْفَاظُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- قَالَ فِي الْأَصْلِ: إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَشْتَرِيَ دَارًا يَكْتُبُ هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانٌ وَلَمْ يَقُلْ يَكْتُبُ هَذَا مَا بَاعَ فُلَانٌ مَعَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْكِيدِ حَقِّهِ.
وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ اللَّفْظَيْنِ يَنْتَظِمُ الْآخَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الشِّرَاءُ بِدُونِ الْبَيْعِ وَلَا يَتَحَقَّقُ الْبَيْعُ بِدُونِ الشِّرَاءِ وَإِنَّمَا فَعَلَ كَذَلِكَ تَبَرُّكًا بِالسُّنَّةِ {فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اشْتَرَى غُلَامًا مِنْ عَدَّاءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ أَمَرَ أَنْ يُكْتَبَ: هَذَا مَا اشْتَرَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَدَّاءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ وَلَمْ يَأْمُرْ أَنْ يُكْتَبَ هَذَا مَا بَاعَ عَدَاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ هُودَةَ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ} وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَيْضًا أَنْ يُكْتَبَ هَذَا مَا اشْتَرَى وَلَمْ يَقُلْ يُكْتَبُ هَذَا كِتَابُ مَا اشْتَرَى وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ يَكْتُبُونَ هَذَا كِتَابُ مَا اشْتَرَى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ هَذَا إشَارَةٌ إلَى الْبَيَاضِ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ وَفِيهِ كِتَابَةُ مَا اشْتَرَى لَا حَقِيقَةَ الشِّرَاءِ إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- اخْتَارَ هَذَا مَا اشْتَرَى تَبَرُّكًا بِالسُّنَّةِ؛ وَلِأَنَّ مَا فِي قَوْلِهِ هَذَا كِتَابُ مَا اشْتَرَى يَحْتَمِلُ الْإِثْبَاتَ وَيَحْتَمِلُ النَّفْيَ فَيُكْتَبُ هَذَا مَا اشْتَرَى لِيَنْتَفِيَ احْتِمَالُ النَّفْيِ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَيْضًا عِنْدَ ذِكْرِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي يُذْكَرُ اسْمُهُمَا وَاسْمُ أَبِيهِمَا وَلَمْ يُذْكَرْ اسْمُ جَدِّهِمَا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمِهِمَا اللَّهُ تَعَالَى- لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ مَشْهُورًا بِالِاسْمِ كَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَشُرَيْحٍ وَأَمْثَالِهِمْ يُكْتَفَى بِذِكْرِ اسْمِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ النَّسَبِ وَإِنْ ذَكَرَ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَذَكَرَ قَبِيلَتَهُ مَكَانَ جَدِّهِ فَإِنْ كَانَ أَدْنَى الْقَبَائِلِ وَكَانَ فَخْذًا خَاصًّا بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ عَلَى اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ غَيْرُهُ لَا مَحَالَةَ فَذَلِكَ يَكْفِي.
وَإِنْ ذَكَرَ قَبِيلَتَهُ الْأَعْلَى فَذَلِكَ لَا يَكْفِي وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ مَعَ ذَلِكَ وَإِنْ ذَكَرَ مَعَ ذَلِكَ اسْمَ الْجَدِّ إلَّا أَنَّ فِي تِلْكَ الْقَبِيلَةِ بِهَذَا الِاسْمِ وَالنَّسَبِ غَيْرَهُ فَذَلِكَ لَا يَكْفِي وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ شَيْءٍ آخَرَ وَإِنْ ذَكَرَ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ جَدِّهِ وَقَبِيلَتِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ صِنَاعَتَهُ فَإِنْ كَانَ صِنَاعَتُهُ لَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِيهَا كَمَا يُقَالُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْخَلِيفَةُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْقَاضِي فَذَلِكَ يَكْفِي لِلتَّعْرِيفِ وَإِنْ كَانَ صِنَاعَتُهُ يَجُوزُ أَنْ يُشَارِكَهُ غَيْرُهُ فِيهَا فَإِنَّهَا لَا تَكْفِي لِلتَّعْرِيفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَالْحِلْيَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَسْبَابِ التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ الْحِلْيَةَ تُشْبِهُ الْحِلْيَةَ وَلَكِنْ إنْ كَتَبَ الْحِلْيَةَ فَذَلِكَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ زِيَادَةُ تَعْرِيفٍ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ أَسْبَابِ التَّعْرِيفِ لَوْ كَتَبَ فَذَلِكَ أَوْلَى وَإِنْ كَتَبَ كُنْيَتَهُ وَلَمْ يَكْتُبْ شَيْئًا آخَرَ إنْ كَانَ يُعْرَفُ بِتِلْكَ الْكُنْيَةِ لَا مَحَالَةَ فَذَلِكَ يَكْفِي وَذَلِكَ نَحْوُ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَأَمْثَالِهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَتَبَ ابْنُ فُلَانٍ وَهُوَ يُعْرَفُ بِهِ لَا مَحَالَةَ كَابْنِ أَبِي لَيْلَى فَذَلِكَ يَكْفِي لِلتَّعْرِيفِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي عِتْقَ فُلَانٍ يَكْتُبُ فُلَانٌ الْهِنْدِيُّ أَوْ التُّرْكِيُّ عَتِيقُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَإِنْ كَانَ مَنْ أَعْتَقَهُ عَتِيقَ غَيْرِهِ يَكْتُبُ فُلَانٌ الْهِنْدِيُّ عَتِيقُ فُلَانٍ التُّرْكِيِّ عَتِيقِ الْأَمِيرِ فُلَانِ بْن فُلَانٍ.
وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي مَمْلُوكَ رَجُلٍ يَكْتُبُ فُلَانٌ الْهِنْدِيُّ أَوْ التُّرْكِيُّ مَمْلُوكُ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ جِهَةَ مَوْلَاهُ هَذَا فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ أَوْ يَكْتُبُ قِنُّ فُلَانٍ أَوْ عَبْدُ فُلَانٍ وَفِي الْأَمَةِ يَكْتُبُ فُلَانَةُ الْهِنْدِيَّةُ أَمَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفِي الْمُكَاتَبِ يَكْتُبُ فُلَانٌ الْهِنْدِيُّ مُكَاتَبُ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفِي الْمُكَاتَبَةِ يَكْتُبُ فُلَانَةُ الْهِنْدِيَّةُ مُكَاتَبَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ ثُمَّ يَكْتُبُ فِي كِتَابِ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ بِحُدُودِهَا الْأَرْبَعَةِ وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مَعْرُوفَةً مَشْهُورَةً وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- إنْ كَانَتْ الدَّارُ مَعْرُوفَةً مَشْهُورَةً لَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ حُدُودِهَا وَلَا يَكْتُبُ وَهِيَ مِلْكُ الْبَائِعِ نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَ ذَلِكَ يَصِيرُ الْمُشْتَرِي مُقِرًّا بِمِلْكِ الْبَائِعِ فَلَوْ اسْتَحَقَّ الْمُشْتَرِي مِنْ يَدِهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ زُفَرَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمُشْتَرِي بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فِي مَنْعِ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ فَلَا يَكْتُبُ وَهِيَ مِلْكُ الْبَائِعِ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ هَؤُلَاءِ نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَكْتُبُ وَهِيَ فِي يَدِهِ أَيْضًا عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَعَامَّةِ أَهْلِ الشُّرُوطِ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَكْتُبُ وَهِيَ فِي يَدِهِ.
وَعُلَمَاؤُنَا احْتَجُّوا بِمَا {رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ كِتَابَ شِرَاءِ الْعَبْدِ مِنْ عَدَّاءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ وَلَمْ يَكْتُبْ فِيهِ وَالْعَبْدُ فِي يَدَيْهِ}؛ وَلِأَنَّهُمَا رُبَّمَا يَرْتَفِعَانِ إلَى قَاضٍ يَرَى أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْيَدِ لِلْبَائِعِ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لَهُ لِمَا أَنَّ ظَاهِرَ الْيَدِ يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ فَيَبْطُلُ حَقُّ الْمُشْتَرِي بِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ أَخْذًا بِقَوْلِ زُفَرَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- فَلَا يَكْتُبُ ذَلِكَ احْتِرَازًا عَمَّا قُلْنَا نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي وَلَكِنْ يَكْتُبُ وَقَدْ ذَكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَفِي يَدَيْهِ عَلَى نَحْوِ مَا كَتَبْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْفَصْلِ ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَمْ يَذْكُرْ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ بِأَيِّ حَدٍّ يَبْدَأُ فِي الْكِتَابِ وَكَانَ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ وَهِلَالٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- يَقُولَانِ يَبْدَأُ مِنْ بَابِ الدَّارِ ثُمَّ يَكْتُبُ الْحَدَّ الَّذِي عَلَى يَمِينِ الدَّاخِلِ ثُمَّ يَكْتُبُ مَا يَلِي ذَلِكَ إلَى آخِرِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- يَقُولَانِ يَبْدَأُ بِمَا يَلِي الْقِبْلَةَ وَنَوَاحِيهَا نَحْوِ الْمَشْرِقِ ثُمَّ بِمَا يَلِي الْقِبْلَةَ وَمَا يَلِيهَا نَحْوِ الْمَغْرِبِ ثُمَّ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ عَنْ يَسَارِهَا.
وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ يُبْتَدَأُ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ الْعَدْلِ وَإِنْ تَرَكَ هَذَا التَّرْتِيبَ وَكَتَبَ كَمَا يُكْتَبُ الْيَوْمَ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِحُصُولِ التَّعْرِيفِ بِالتَّحْدِيدِ بِالْحُدُودِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ وَكَانَ السَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- يَكْتُبَانِ فِي ذِكْرِ الْحَدِّ: حَدُّهَا الْأَوَّلُ يَنْتَهِي إلَى دَارِ فُلَانٍ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقُولُ يَلِي أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَنْتَهِي لَا يَنْفِي الْفُرْجَةَ وَالْوَاسِطَةَ وَقَوْلُهُ يَلِي يَنْفِي الْوَاسِطَةَ إنْ كَانَ لَا يَنْفِي الْفُرْجَةَ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى} وَالْمُرَادُ بِهِ الْقُرْبُ دُونَ الِاتِّصَالِ وَقِيلَ يُلَاصِقُ وَيُلَازِقُ أَوْلَى الْأَلْفَاظِ؛ لِأَنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفُرْجَةَ وَالْوَاسِطَةَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الدَّارَيْنِ فُرْجَةٌ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ الْكَاتِبَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ كَتَبَ: حَدُّهَا الْأَوَّلُ يَنْتَهِي إلَى الْفُرْجَةِ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَارٍ مَعْرُوفَةٍ لِفُلَانٍ وَإِنْ شَاءَ كَتَبَ: حَدُّهَا الْأَوَّلُ يَنْتَهِي إلَى الْفُرْجَةِ الْفَاصِلَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَارٍ مَعْرُوفَةٍ لِفُلَانٍ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوهِمُ أَنْ تَكُونَ الْفُرْجَةُ مِنْ الدَّارَيْنِ فَيَكُونَ بَعْضُهَا دَاخِلًا فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَالْحَدُّ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَحْدُودِ فَيُكْتَبُ يَنْتَهِي إلَى الْفُرْجَةِ الْفَاصِلَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَارِ فُلَانٍ حَتَّى يَنْتَفِيَ هَذَا الْوَهْمُ ثُمَّ بَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ يَكْتُبُ: حَدُّهَا الْأَوَّلُ يَنْتَهِي إلَى دَارِ فُلَانٍ وَأَصْحَابُنَا كَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ: يَنْتَهِي إلَى الدَّارِ الْمَعْرُوفَةِ لِفُلَانٍ أَوْ إلَى الدَّارِ الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَ: يَنْتَهِي إلَى دَارِ فُلَانٍ.
كَانَ هَذَا إقْرَارًا مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ تِلْكَ الدَّارَ مِلْكُ فُلَانٍ فَلَوْ اشْتَرَى وَاحِدٌ مِنْهُمَا تِلْكَ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ وَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى فُلَانٍ عِنْدَ زُفَرَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- فَيُكْتَبُ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا احْتِرَازًا عَنْ هَذَا.
وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا: أَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إلَى دَارِ فُلَانٍ يُلَازِقُ دَارَ فُلَانٍ وَلَمْ يُكْتَبْ: أَحَدُ حُدُودِهَا دَارُ فُلَانٍ؛ لِأَنَّ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَدْخُلُ الْحَدُّ فِي الْمَحْدُودِ فِي الْبَيْعِ فَيُؤَدِّي إلَى فَسَادِ الْبَيْعِ إذَا جُعِلَ الْمَسْجِدُ أَوْ طَرِيقُ الْعَامَّةِ حَدًّا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَبَيْنَمَا لَا يَجُوزُ مَعَ إجْمَالِ الثَّمَنِ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي إذَا جُعِلَ الْحَدُّ دَارَ فُلَانٍ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ فُلَانٌ دَارِهِ إلَيْهِ بِهَذَا الْبَيْعِ وَيُنْتَقَصُ الثَّمَنُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَعْضَ الثَّمَنِ بِمُقَابَلَةِ دَارِ الْجَارِ فَلِهَذَا اخْتَرْنَا: يَنْتَهِي يُلَازِقُ، يَلِي، يُلَاصِقُ.
وَإِنَّمَا أَعَدْنَا لَفْظَ اشْتَرَى بَعْدَ ذِكْرِ حُدُودِ الدَّارِ خِلَافًا لِبَعْضِ أَهْلِ الشُّرُوطِ فَإِنَّهُمْ لَا يُعِيدُونَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ أَهْلِ اللِّسَانِ أَنَّهُ إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَ الْخَبَرِ وَالْمُخْبَرِ عَنْهُ كَلِمَاتٌ فَإِنَّهُمْ يُعِيدُونَ الْخَبَرَ لِلتَّأْكِيدِ وَلِزِيَادَةِ الْإِفْهَامِ (ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-) ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ اشْتَرَى مِنْهُ الدَّارَ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَأَهْلُ الشُّرُوطِ يَكْتُبُونَ جَمِيعَ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ عَسَى تُذْكَرُ الدَّارُ وَيُرَادُ بِهَا الْبَعْضُ فَإِطْلَاقُ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْبَعْضِ جَائِزٌ فَكَتَبُوا جَمِيعَ الدَّارِ إزَالَةً لِهَذَا الْوَهْمِ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَيْضًا فِي الْكِتَابِ اشْتَرَى الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ فِي كِتَابِنَا هَذَا وَكَانَ السَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- يَكْتُبَانِ فِي هَذَا الْكِتَابِ، قَالَا: لِأَنَّ قَوْلَهُ كِتَابُنَا إضَافَةُ الْكِتَابِ إلَى الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَيَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُمَا أَنَّ الْكِتَابَ مِلْكُهُمَا فَرُبَّمَا يُنَازِعُهُ الْبَائِعُ فِي كَوْنِ الْكِتَابِ فِي يَدِهِ وَيَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِتَابِ فَلِإِزَالَةِ هَذَا الْوَهْمِ يُكْتَبُ هَذَا الْكِتَابُ وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ يُكْتَبُ: اشْتَرَى الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ بِحُدُودِهَا كُلِّهَا، وَهَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَأَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَانَ يَقُولُ إنَّهُ لَا يَكْتُبُ بِحُدُودِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَ ذَلِكَ يَدْخُلُ الْحَدُّ فِي الْبَيْعِ وَفِيهِ فَسَادٌ عَلَى مَا مَرَّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- قَالَا: الْقِيَاسُ مَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَكِنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِالْعُرْفِ؛ لِأَنَّ فِي الْعُرْفِ لَا يُرَادُ بِقَوْلِهِمْ بِحُدُودِهَا إدْخَالُ الْحَدِّ تَحْتَ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ إدْخَالُ مَا وَرَاءَ الْحَدِّ وَذَكَرَ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي شُرُوطِهِ أَنَّ فِي دُخُولِ الْحَدِّ تَحْتَ الْبَيْعِ بِقَوْلِهِ بِحُدُودِهَا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا الْقِيَاسُ أَنْ يَدْخُلَ الْحَدُّ تَحْتَ الْبَيْعِ.
وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَدْخُلُ وَإِذَا كَانَ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَدْخُلُ الْحَدُّ تَحْتَ الْبَيْعِ مَعَ ذِكْرِ قَوْلِهِ بِحُدُودِهَا أَوْلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ الْحَدُّ تَحْتَ الْبَيْعِ عَلَى قَوْلِهِ بِدُونِ ذِكْرِ قَوْلِهِ بِحُدُودِهَا فَيَصِيرُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو زَيْدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ الْحَدَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشُّرُوطِ إذَا كُتِبَ أَحَدُ حُدُودِ هَذِهِ الدَّارِ دَارُ فُلَانٍ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ كَذَلِكَ وَلَا يُكْتَبُ اشْتَرَاهَا بِحُدُودِهَا؛ لِأَنَّ الْحَدَّ يَدْخُلُ فِي الشِّرَاءِ وَإِذَا كُتِبَ: أَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إلَى دَارِ فُلَانٍ أَوْ يُلَازِقُ دَارَ فُلَانٍ يُكْتَبُ اشْتَرَاهَا بِحُدُودِهَا، وَبَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- ذَكَرُوا فِي شَرْحِ كِتَابِ الشُّرُوطِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كِتَابَةِ أَحَدِ حُدُودِهَا يُلَازِقُ دَارَ فُلَانٍ يُلَاصِقُ دَارَ فُلَانٍ احْتِيَاطٌ بَلْ فِيهِ تَرْكُ الِاحْتِيَاطِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ لَمَّا كَانَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-.
وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَبْقَى الْحَرْفُ الْمُلَازِقُ لِدَارِ فُلَانٍ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِنَاءً وَغَيْرَ ذَلِكَ وَيَكُونُ لِلْبَائِعِ وِلَايَةُ نَقْضِ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِيهِ وَنَقْضِ الْبِنَاءِ الَّذِي عَلَيْهِ وَفِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى الْمُشْتَرِي مَا لَا يَخْفَى وَكَذَلِكَ يُوجِبُ انْقِطَاعَ حَقِّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْجِوَارِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَصَلَ بَيْنَ هَذِهِ الدَّارِ وَبَيْنَ الدَّارِ الْأُخْرَى حَرْفٌ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ، وَلَوْ بِيعَتْ الدَّارُ الْأُخْرَى وَكُتِبَ فِي حَدِّهَا لَزِيقُ دَارِ فُلَانٍ يَكُونُ كَذِبًا فَكَانَ فِيهِ تَرْكُ الِاحْتِيَاطِ أَمَّا لَوْ كَتَبْنَا: أَحَدُ حُدُودِهَا دَارُ فُلَانٍ، فَفِيهِ تَرْكُ الِاحْتِيَاطِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْحَدَّ يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ وَمِنْ حَيْثُ إنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ يَصِيرَانِ مُقِرَّيْنِ بِمِلْكِيَّةِ تِلْكَ الدَّارِ لِفُلَانٍ فَيَنْسَدُّ عَلَيْهِمَا بَابُ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ لَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ تِلْكَ الدَّارَ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى.
وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- إلَّا أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مَوْهُومٌ، وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ يَكْتُبُ أَرْضَهَا وَبِنَاءَهَا فَقَدْ ذَكَرَ الْأَرْضَ وَإِنْ كَانَ اسْمُ الدَّارِ يَنْطَلِقُ عَلَى الْأَرْضِ لَا مَحَالَةَ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا لِلتَّأْكِيدِ وَذَكَرَ الْبِنَاءَ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ لَا يَنْطَلِقُ عَلَى الْبِنَاءِ لَا مَحَالَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- سُفْلَهَا وَعُلْوَهَا وَاخْتَارَ الْمُتَأَخِّرُونَ ذِكْرَ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى لَمْ يَذْكُرْ الْعُلُوَّ لَا يَنْتَفِي وَهْمُ كَوْنِ الْعُلْوِ مِلْكَ غَيْرِ الْبَائِعِ وَمَتَى لَمْ يَذْكُرْ السُّفْلَ لَا يَنْتَفِي وَهْمُ أَنْ يَكُونَ تَحْتَ الدَّارِ سِرْدَابٌ هُوَ مِلْكُ غَيْرِ الْبَائِعِ ثُمَّ كَانَ السَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- يَكْتُبَانِ سُفْلَهُ وَعُلُوَّهُ وَلَا يَكْتُبَانِ سُفْلَهَا وَعُلُوَّهَا قَالَا: لِأَنَّ قَوْلَهُ سُفْلُهُ وَعُلُوُّهُ يَنْصَرِفُ إلَى سُفْلِ الْبِنَاءِ وَعُلُوِّهِ وَهُمَا مَعْلُومَانِ مَمْلُوكَانِ لِلْبَائِعِ فَيَصِيرُ بَائِعًا مِلْكَ نَفْسِهِ.
وَقَوْلَهُ سُفْلُهَا وَعُلُوُّهَا يَنْصَرِفُ إلَى سُفْلِ الْعَرْصَةِ وَعُلُوِّهَا فَرُبَّمَا يَتَوَهَّمُ مُتَوَهِّمٌ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْعُلُوَّ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ فَيَكُونُ بَائِعًا لِلْهَوَاءِ وَبَيْعُ الْهَوَاءِ لَا يَجُوزُ فَلِهَذَا اخْتَارَا سُفْلَهُ وَعُلُوَّهُ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْعُلَمَاءِ اخْتَارُوا سُفْلَهَا وَعُلُوَّهَا، وَهَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- قَالُوا: لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ تَحْتَ الْأَرْضِ سِرْدَابٌ وَبِقَوْلِهِ وَسُفْلُهُ وَأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْبِنَاءِ وَاسْمُ الْبِنَاءِ لَا يَتَنَاوَلُ السِّرْدَابَ لَا يُعْلَمُ أَنَّ السِّرْدَابَ هَلْ هُوَ لَهُ وَهَلْ دَخَلَ تَحْتَ الْبَيْعِ وَبِقَوْلِهِ سُفْلُهَا وَأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْعَرْصَةِ يُعْلَمُ أَنَّ السِّرْدَابَ لَهُ وَأَنَّهُ دَخَلَ تَحْتَ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا كَتَبُوا وَعُلُوَّهَا حَتَّى يَنْتَفِيَ وَهْمُ أَنْ يَكُونَ الْعُلُوُّ عَلَى الْبِنَاءِ لِآخَرَ وَلِآخَرَ عَلَيْهِ حَقُّ التَّعَلِّي وَمَا قَالَ مِنْ وَهْمِ أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ الْبَيْعِ الْعُلُوُّ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَعْرِفُ أَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهَذَا غَيْرُ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْعَقْدِ.
وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْعَقْدِ وَهُوَ الْبِنَاءُ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- طَرِيقَهَا وَلَمْ يُلْحِقْ بِآخِرِهِ مِنْ حُقُوقِهَا وَأَهْلُ الشُّرُوطِ يُلْحِقُونَ بِآخِرِهِ مِنْ حُقُوقِهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الشُّرُوطِ يَذْكُرُونَ الطَّرِيقَ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا تَرْكُهُ، وَكَذَلِكَ الْمَسِيلُ؛ لِأَنَّهُمْ إنْ ذَكَرُوا الطَّرِيقَ مُطْلَقًا يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ الطَّرِيقُ الْعَامُّ الَّذِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَكَذَلِكَ الْمِيزَابُ رُبَّمَا يُنْصَبُ فِي جُزْءٍ مِنْ طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَإِذَا أُطْلِقَ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَيَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ، وَإِنْ قَالَ وَطَرِيقُهَا وَمَسِيلُ مَائِهَا الَّتِي مِنْ حُقُوقِهَا فَرُبَّمَا لَا يَكُونُ لِلدَّارِ طَرِيقٌ خَاصٌّ هُوَ مِنْ حُقُوقِهَا فَيَصِيرُ جَامِعًا فِي الْعَقْدِ بَيْنَ الْمَعْدُومِ وَالْمَوْجُودِ وَذَلِكَ يُفْسِدُ الْعَقْدَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يُذْكَرَ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَاصِلٌ بِذِكْرِ الْمَرَافِقِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ لَهَا طَرِيقٌ خَاصٌّ أَوْ مَسِيلُ مَاءٍ خَاصٌّ دَخَلَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ بِذِكْرِ الْمَرَافِقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ هَذَا اللَّفْظُ إلَى مَا وَرَاءَهُمَا مِنْ الْمَرَافِقِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا إنْ لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الدَّارِ طَرِيقٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ بَابُ الدَّارِ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَالِاحْتِيَاطُ فِي تَرْكِ ذِكْرِ الطَّرِيقِ كَمَا قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- حَتَّى لَا يَصِيرَ بَائِعًا مَا لَا يَمْلِكُهُ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَابُ الدَّارِ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَالِاحْتِيَاطُ فِي ذِكْرِ الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الطَّرِيقِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إلَّا رِوَايَةً رَوَاهَا الْخَصَّافُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَكَانَ الِاحْتِيَاطُ هَاهُنَا فِي ذِكْرِ الطَّرِيقِ وَلَكِنْ يُلْحِقُ بِهِ مِنْ حُقُوقِهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا طَرِيقٌ نَافِذٌ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ يُكْتَبُ وَطَرِيقُهَا النَّافِذُ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ وَإِنْ أُلْحِقَ بِهَا مِنْ حُقُوقِهَا كَانَ أَوْلَى وَذِكْرُ مَسِيلِ مَائِهَا أَيْضًا وَلَمْ يُلْحَقْ بِآخِرِهِ مِنْ حُقُوقِهَا وَبَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ يُلْحِقُونَ بِآخِرِهِ مِنْ حُقُوقِهَا وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالُوا فِي مَسِيلِ مَائِهَا عَلَى نَحْوِ مَا قَالُوا فِي الطَّرِيقِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الدَّارِ مَسِيلُ مَاءٍ أَصْلًا أَوْ كَانَ لَكِنْ كَانَ الْمِيزَابُ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ لَا يُكْتَبُ مَسِيلُ الْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمِيزَابُ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَيُكْتَبُ مَسِيلُ مَائِهَا وَيُلْحَقُ بِآخِرِهَا مِنْ حُقُوقِهَا إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَسِيلُ الْمَاءِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَيَصِيرُ بَائِعًا طَرِيقَ الْعَامَّةِ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَكُونُ مَوْضِعُ مَسِيلِ الْمَاءِ مِنْ الْمِيزَابِ مِلْكًا لَهُ فَلَوْ لَمْ يُلْحَقْ بِهِ مِنْ حُقُوقِهَا يُوهِمُ أَنَّ الدَّاخِلَ رَقَبَةُ الطَّرِيقِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
وَذَكَرَ مَرَافِقَهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ لِلدَّارِ مَرَافِقَ أُخَرَ سِوَى مَسِيلِ الْمَاءِ وَالطَّرِيقِ فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَرَافِقَ لَا يَدْخُلُ مَا سِوَى الطَّرِيقِ وَمَسِيلِ الْمَاءِ تَحْتَ الْبَيْعِ فَيُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ مَنَافِعِ الدَّارِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُلْحِقْ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بِالْمَرَافِقِ الْحُقُوقَ وَأَهْلُ الشُّرُوطِ يُلْحِقُونَهُ فَيَكْتُبُونَ: وَمَرَافِقُهَا الَّتِي مِنْ حُقُوقِهَا فَإِنَّهُ أَحْوَطُ وَذَكَرَ أَيْضًا وَكُلُّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ هُوَ فِيهَا وَمِنْهَا وَأَهْلُ الشُّرُوطِ لَا يَكْتُبُونَ أَوْ بَلْ يَكْتُبُونَ الْوَاوَ وَكُلُّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا وَمِنْهَا قَالُوا لِأَنَّ كَلِمَةَ أَوْ لِلتَّشْكِيكِ فَيَتَنَاوَلُ أَحَدَهُمَا غَيْرَ عَيْنٍ وَأَنَّهُ مَجْهُولٌ جَهَالَةً تُوقِعُهُمَا فِي الْمُنَازَعَةِ فَيُوجِبُ خَلَلًا فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- اخْتَارَ أَوْ اتِّبَاعًا لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي كِتَابَةِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ كَتَبَ وَلَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يُؤْكِلَ صَدِيقًا لَهُ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ؛ وَلِأَنَّ كَلِمَةَ أَوْ قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْوَاوِ يُقَالُ: جَالِسْ الْحَسَنَ أَوْ ابْنَ سِيرِينَ، وَكِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى- يُؤَيِّدُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى-: {وَأَرْسَلْنَاهُ إلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} مَعْنَى الْآيَةِ وَيَزِيدُونَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بِحَرْفِ الْوَاوِ كَمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الشُّرُوطِ وَلَمْ يُلْحِقْ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بِقَوْلِهِ وَكُلُّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ هُوَ فِيهَا وَمِنْهُمَا الْحُقُوقُ، وَأَهْلُ الشُّرُوطِ يَكْتُبُونَ.
وَكُلُّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ هُوَ فِيهَا وَمِنْهَا مِنْ حُقُوقِهَا، وَهَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَا فِي الدَّارِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ زُفَرَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- حَتَّى يَفْسُدَ الْبَيْعُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَا فِي الدَّارِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَالْخَشَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يَتَنَاوَلُ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي أَنْ يُلْحِقَ بِهَا مِنْ حُقُوقِهَا حَتَّى لَا تَدْخُلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي الْبَيْعِ وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ حُقُوقِ الْأَرْضِ وَذَكَرَ أَيْضًا وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَخَارِجٌ مِنْهَا هَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- وَبَعْدَهُمْ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ وَهِلَالٌ كَانَا يَكْتُبَانِ هَكَذَا وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَصْحَابِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- يَكْتُبُونَ وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا خَارِجٌ مِنْهَا قَالُوا لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ يَتَنَاوَلُ حَقًّا مَوْصُوفًا بِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِيهَا خَارِجٌ مِنْهَا وَالْحَقُّ الْوَاحِدُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا وَخَارِجًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا خَارِجٌ مِنْهَا لِيَكُونَ الْحَقُّ الْمَوْصُوفُ بِالدُّخُولِ غَيْرَ الْمَوْصُوفِ بِالْخُرُوجِ وَالْمَوْصُوفُ بِالْخُرُوجِ غَيْرَ الْمَوْصُوفِ بِالدُّخُولِ وَالْوَجْهُ لِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي إعَادَةَ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا تَقْدِيرًا وَاعْتِبَارًا كَمَا يُقَالُ هَذَا حُرٌّ.
وَهَذَا وَيَكُونُ مَعْنَاهُ، وَهَذَا حُرٌّ فَصَارَ مِنْ حَيْثُ التَّقْدِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ: وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا خَارِجٌ مِنْهَا فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَنَا أَنْ يَكْتُبَ: كُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا خَارِجٌ مِنْهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بَعْدَ هَذَا وَفِنَاءَهَا، وَأَهْلُ الشُّرُوطِ كَانُوا يَكْتُبُونَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لِأَنَّ بِذِكْرِ الْفِنَاءِ يَفْسُدُ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ-
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَالْمَسْأَلَةُ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ فَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- قَالَا: الْفِنَاءُ مَمْلُوكٌ لِلْبَائِعِ أَلَا يُرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَحْفِرَ فِيهِ وَأَنْ يَرْبِطَ فِيهِ دَابَّتَهُ وَالْجَمْعُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ هُمَا مَمْلُوكَانِ لَهُ فِي الْبَيْعِ لَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَأَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقُولُ إنَّ الْفِنَاءَ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الْحَفْرِ إذَا كَانَ يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ وَإِنْ اُعْتُبِرَ مَمْلُوكًا لَهُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي قَالَا فَهُوَ مَمْلُوكٌ لِلْعَامَّةِ فَيَصِيرُ كَالْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ.
ثُمَّ ذَكَرَ الثَّمَنَ فَقَالَ بِكَذَا وَاعْلَمْ بِأَنَّ الثَّمَنَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْزُونًا أَوْ مَكِيلًا أَوْ مَعْدُودًا أَوْ مَذْرُوعًا أَوْ عُرُوضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا فَإِنْ كَانَ مَوْزُونًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ النُّقُودِ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ أَوْ مِنْ غَيْرِ النُّقُودِ نَحْوِ الزَّعْفَرَانِ وَالْحَرِيرِ وَالْقُطْنِ وَسَائِرِ الْوَزْنِيَّاتِ فَإِنْ كَانَ مِنْ النُّقُودِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الدَّرَاهِمِ يُكْتَبُ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا وَيُكْتَبُ نَوْعُهَا أَنَّهَا فِضَّةٌ أَوْ مَغْشُوشَةٌ شَابَهَا النُّحَاسُ أَوْ الرَّصَاصُ دَرَاهِمَ غَلَّةٍ أَوْ نَقْدَ بَيْتِ الْمَالِ وَيُكْتَبُ صِفَتُهَا أَنَّهَا جَيِّدَةٌ أَوْ رَدِيئَةٌ أَوْ وَسَطٌ أَوْ يُذْكَرُ قَدْرُهَا أَنَّهَا كَذَا كَذَا دِرْهَمًا وَزْنُهُ بِوَزْنِ سَبْعَةٍ أَيْ بِوَزْنِ كُلِّ عَشَرَةٍ مِنْهَا سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ وَإِنْ أَرَادَ كِتَابَةَ بَعْضِ مَا ذَكَرْنَا فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَمُطْلَقُ الْبَيْعِ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ كَالْمَلْفُوظِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الصِّفَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا نَقُودُ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ فِي الرَّوَاجِ سَوَاءً وَلَا صَرْفَ لِلْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيُعْطِي الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ أَيَّ النَّوْعَيْنِ شَاءَ وَلَكِنْ لَا بُدَّ لِلْكَاتِبِ مِنْ أَنْ يَكْتُبَ أَحَدَهُمَا وَيَكْتُبَ قَدْرَهُ وَوَزْنَهُ.
وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ فِي الرَّوَاجِ عَلَى السَّوَاءِ إلَّا أَنَّ لِلْبَعْضِ صَرْفًا عَلَى الْبَعْضِ كَمَا كَانَتْ الْغِطْرِيفِيَّةُ وَالْعَدْلِيَّةُ قَبْلَ هَذَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ أَحَدِهِمَا فَيَكْتُبُ الْكَاتِبُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَيَكْتُبُ صِفَتَهُ وَقَدْرَهُ وَوَزْنَهُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ النُّقُودِ أَرْوَجَ يَنْصَرِفُ الْبَيْعُ إلَيْهِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ كَالْمَلْفُوظِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ صِفَتِهِ وَلَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ قَدْرِهِ وَوَزْنِهِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الدَّنَانِيرِ يَكْتُبُ كَذَا كَذَا دِينَارًا أَوْ يَكْتُبُ أَنَّهَا بُخَارِيَّةٌ أَوْ نَيْسَابُورِيَّةٌ أَوْ هَرَوِيَّةٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَيَكْتُبُ أَنَّهَا مُنَاصَفَةٌ أَوْ قِرَاضَاتٌ أَوْ صِحَاحٌ لَا كُسُورَ فِيهَا وَيَكْتُبُ أَنَّهَا جَيِّدَةٌ أَوْ وَسَطٌ أَوْ زَيْفٌ وَيَكْتُبُ: قَدْرُهَا كَذَا دِينَارًا وَيَكْتُبُ كَيْفِيَّةَ وَزْنِهَا أَنَّهَا مَوْزُونَةٌ بِوَزْنِ مَثَاقِيلِ مَكَّةَ أَوْ بِوَزْنِ مَثَاقِيلِ خُوَارِزْمَ أَوْ سَمَرْقَنْدَ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَثَاقِيلَ فِي الْبَلَدَانِ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ ذَهَبًا خَالِصًا أَوْ فِضَّةً خَالِصَةً يَكْتُبُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالنَّوْعَ وَالصِّفَةَ وَالْوَزْنَ لَا مَحَالَةَ كَمَا ذَكَرْنَا وَلَكِنْ لَا يَذْكُرُ فِيهِ اسْمَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاسْمَ لَا يَنْطَلِقُ عَلَى غَيْرِ الْمَضْرُوبِ فَيَكْتُبُ فِي الذَّهَبِ كَذَا مِثْقَالًا مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ الْأَحْمَرِ الْجَيِّدِ الْخَالِي عَنْ الْغِشِّ.
وَإِنْ كَانَ فِي الذَّهَبِ غِشٌّ يُبَيِّنُ ذَلِكَ فَيُقَالُ (دهدهي) أَوْ (دمنهي) وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَكَذَا فِي الْفِضَّةِ كَذَا (درم سنج) مِنْ النَّقْرَةِ الْجَيِّدَةِ الْخَالِصَةِ عَنْ الْغِشِّ وَيَكْتُبُ مَعَ ذَلِكَ طمغا جى أَوْ نَقْرَةَ كليجة؛ لِأَنَّهَا تَتَنَوَّعُ بِهَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ الْمَوْزُونَاتِ يَكْتُبُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَنَوْعَهُ وَصِفَتَهُ وَقَدْرَهُ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَكِيلًا يَكْتُبُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَيَكْتُبُ الْحِنْطَةَ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْحِنْطَةِ وَيَكْتُبُ نَوْعَهَا سَقِيَّةً أَوْ بَرِّيَّةً نَسَفِيَّةً أَوْ بُخَارِيَّةً وَيَكْتُبُ صِفَتَهَا حَمْرَاءَ أَوْ بَيْضَاءَ جَيِّدَةً أَوْ وَسَطًا أَوْ رَدِيئَةً وَيَكْتُبُ قَدْرَهَا فَيَكْتُبُ كَذَا كَيْلًا بِقَفِيزِ كَذَا وَفِي الشَّعِيرِ كَذَلِكَ يَكْتُبُ نَوْعَهُ وَصِفَتَهُ وَقَدْرَهُ بِقَفِيزِ كَذَا وَلَا يَكْتُبُ الْوَزْنَ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ؛ لِأَنَّهُمَا كَيْلَانِ بِالنَّصِّ وَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُ الْحُكْمِ الْمَنْصُوصِ وَفِي كِتَابِ الْبُيُوعِ عَنْ أَصْحَابِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- فِي إسْلَامِ الدَّرَاهِمِ فِي الْمَكِيلَاتِ وَزْنًا وَالْوَزْنِيَّاتِ كَيْلًا رِوَايَتَانِ عَنْ أَصْحَابِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- رَوَى الْحَسَنُ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ يَجُوزُ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي ذِكْرِ الْكَيْلِ لِيَخْرُجَ عَنْ حَدِّ الِاخْتِلَافِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْحِنْطَةُ أَوْ الشَّعِيرُ حَالًا فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا يَكْتُبُ مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَشْيَاءِ مِقْدَارَ الْأَجَلِ وَمَكَانَ الْإِيفَاءِ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-.
وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الْمَعْدُودَاتِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَثْمَانِ كَالْغَطَارِفِ وَالْعَدْلِيَّاتِ يَكْتُبُ فِي الْغَطَارِفِ كَذَا دِرْهَمًا بُخَارِيَّةً مَعْدُودَةً سُودًا جَيِّدَةً وَيَكْتُبُ فِي الْعَدْلِيَّاتِ كَذَا عَدْلِيَّةً رَسْمِيَّةً رَائِجَةً بُخَارِيَّةً مَعْدُودَةً وَيَكْتُبُ نَوْعَهَا إنْ كَانَتْ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةً وَيَكْتُبُ نَقْدَ بَلَدِ كَذَا إذَا كَانَ يَخْتَلِفُ هَذَا النَّوْعُ مِنْ النَّقْدِ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الذَّرْعِيَّاتِ نَحْوِ الْكِرْبَاسِ وَالْكَتَّانِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهِ فَالْبَيْعُ بِهِ جَائِزٌ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ فَيَذْكُرُهُ فِي الْكِتَابِ وَيَذْكُرُ صِفَتَهُ وَيَذْكُرُ عَيْنًا مُشَارًا إلَيْهِ مُحْضَرًا مَجْلِسَ هَذَا الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ حَالًا لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا يَجُوزُ كَمَا فِي السَّلَمِ فَيَكْتُبُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَهُوَ الْكِرْبَاسُ مَثَلًا وَنَوْعَهُ وَيَكْتُبُ صَفَاقَتَهُ وَرِقَّتَهُ وَسَدَاهُ (بانصدى) أَوْ (شنصدى) أَوْ مَا أَشْبَهَهُ وَقَدْرَهُ، وَبَيَانُ قَدْرِهِ بِبَيَانِ ذُرْعَانِهِ وَيُبَيِّنُ ذِرَاعَ كَذَا كَذِرَاعِ الْمَلِكِ أَوْ ذِرَاعِ الْكَرَابِيسِ أَوْ ذِرَاعِ الْمِسَاحَةِ وَيُبَيِّنُ الْأَجَلَ وَقَدْرَ الْأَجَلِ وَيُبَيِّنُ مَكَانَ الْإِيفَاءِ أَيْضًا إذَا كَانَ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ حَيَوَانًا أَوْ عَرْضًا مِنْ الْعُرُوضِ لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهَا أَصْلًا وَلَا يَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ أَصْلًا.
فَإِنَّمَا يَصِحُّ ثَمَنًا إذَا عَيَّنَهَا وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا لَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ؛ لِأَنَّ إعْلَامَ الْحَاضِرِ الْمُعَيَّنِ بِالْإِشَارَةِ فَيَذْكُرُ فِي الْكِتَابِ ذَلِكَ وَيَذْكُرُ صِفَتَهُ وَيَذْكُرُ عَيْنًا مُشَارًا إلَيْهِ مُحْضَرًا مَجْلِسَ هَذَا الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الْمَحْدُودَاتِ كَالدَّارِ وَالْأَرْضِ فَإِعْلَامُهَا بِذِكْرِ حُدُودِهَا فَيَكْتُبُ: اشْتَرَى الدَّارَ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا بِالدَّارِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا أَيْضًا وَإِذَا وَصَلَ إلَى مَوْضِعِ الْقَبْضِ يَكْتُبُ وَقَدْ قَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ جَمِيعَ الدَّارِ مِنْ صَاحِبِهِ وَهُوَ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ شِرَاؤُهُ إيَّاهُ مِنْهُ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ وَيَكْتُبُ عِنْدَ ذِكْرِ الدَّرْكِ فَمَا أَدْرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِيمَا ابْتَاعَ مِنْ صَاحِبِهِ فَكَذَا عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ ثُمَّ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- وَكَذَلِكَ هِلَالٌ بَعْدَهُمْ كَانُوا لَا يَكْتُبُونَ بَعْدَ هَذَا شِرَاءً صَحِيحًا وَإِنَّ أَبَا زَيْدٍ الشُّرُوطِيَّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَبَعْضُ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ أَهْلِ الشُّرُوطِ كَانُوا يَكْتُبُونَ شِرَاءً صَحِيحًا بَاتًّا بَتَاتًا لَا شَرْطَ فِيهِ وَلَا خِيَارَ وَلَا فَسَادَ وَلَا عِدَّةَ وَفَاءٍ وَلَا عَلَى وَجْهِ الرَّهْنِ وَالتَّلْجِئَةِ بَلْ بَيْعُ الْمُسْلِمِ مِنْ الْمُسْلِمِ إنَّمَا يَكْتُبُونَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ غَرَضَهُمَا الشِّرَاءُ الصَّحِيحُ فَيَكْتُبُونَ ذَلِكَ تَأْكِيدًا لِمَا قَصَدَاهُ وَيَكْتُبُونَ صِفَةَ الْبَتَاتِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْقُوفٍ عَلَى إجَازَةِ الْغَيْرِ.
وَيَكْتُبُونَ لَا شَرْطَ فِيهِ حَتَّى لَا يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ، وَهَذَا لِأَنَّ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْكِرِ لِلشَّرْطِ إلَّا أَنَّ عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الشَّرْطِ فَيُكْتَبُ ذَلِكَ احْتِيَاطًا وَيَكْتُبُونَ فِيهِ لَا فَسَادَ فِيهِ وَلَا عِدَّةَ وَفَاءٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ زَوَالَ مِلْكِهِ فَيُكْتَبُ ذَلِكَ احْتِيَاطًا وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقُولُ: وَلَا يَكْتُبُ وَلَا خِيَارَ فِيهِ فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا دَامَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ هَذَا إذَا شُرِطَ أَنْ لَا خِيَارَ فِيهِ يَكُونُ شَرْطًا مُغَيِّرًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَوْ كُتِبَ ذَلِكَ رُبَّمَا يُرْفَعُ إلَى مَنْ يَرَى ذَلِكَ الْقَوْلَ فَيُبْطِلُهُ قَالَ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَلَكِنْ يَكْتُبُ: بَيْعُ الْمُسْلِمِ مِنْ الْمُسْلِمِ؛ تَبَرُّكًا بِالسُّنَّةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَتَبَ كِتَابَ الشِّرَاءِ عَلَى عَدَّاءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ أَمَرَ بِكِتَابَةِ ذَلِكَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَأَصْحَابُنَا إنَّمَا لَمْ يَكْتُبُوا شِرَاءً صَحِيحًا وَلَمْ يَكْتُبُوا بَيْعَ الْمُسْلِمِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَلَمْ يَكْتُبُوا لَا فَسَادَ وَغَيْرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كُتِبَ كَانَ هَذَا إقْرَارًا مِنْ الْمُشْتَرِي بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَبِكَوْنِ الْمُشْتَرَى مِلْكَ الْبَائِعِ فَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْمُشْتَرَى مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَوْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ عَادَ إلَى يَدِ الْمُشْتَرِي يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْبَائِعِ فَلَا يُكْتَبُ هَذَا كَمَا لَا يُكْتَبُ مِلْكُ الْبَائِعِ.
ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَنَقَدَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنَ كُلَّهُ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا وَزْنَ سَبْعَةٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُكْتَبْ بِقَوْلِهِ وَنَقَدَ فُلَانٌ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُذْكَرْ قَبْضُ الْبَائِعِ فَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ نَقَدْتَنِي وَلَكِنْ لَمْ أَقْبِضْ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ قَبْضِ الْبَائِعِ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَبَعْدَ ذَلِكَ اخْتَارَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي ذَلِكَ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَجْمَعُ وَأَوْجَزُ فَإِنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ بَرَاءَةٍ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَانْتِهَاؤُهَا إلَى الْبَائِعِ وَذَلِكَ بِالدَّفْعِ وَالْقَبْضِ فَإِنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ صِحَّةِ الْقَبْضِ فَإِنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ وَكِيلًا فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِالْقَبْضِ مِنْ الْمُوَكِّلِ فَإِذَا كُتِبَ: بَرِئَ إلَيْهِ مِنْهُ.
كَانَ إقْرَارًا بِالْقَبْضِ وَبِصِحَّةِ الْقَبْضِ وَكَانَ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ يَكْتُبُ: وَبَرِئَ فُلَانٌ- يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ- إلَى فُلَانٍ- يَعْنِي الْبَائِعَ- مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ وَقَبَضَهُ مِنْهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ تَامًّا وَافِيًا وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَزْنَ سَبْعَةٍ وَهَذَا لِأَنَّ قَبْضَ الْبَائِعِ بِقَوْلِهِ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْهُ يَثْبُتُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا مِنْ حَيْثُ النَّصِّ وَلَا يَقِفُ عَلَى الْمَعْنَى كُلُّ أَحَدٍ فَيَكْتُبُ: قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ حَتَّى يَثْبُتَ قَبْضُهُ نَصًّا وَمَعْنَى لِيَكُونَ أَبْيَنَ وَأَقْطَعَ لِلشَّغَبِ وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَكْتُبُ: وَقَبَضَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ- يَعْنِي الْبَائِعَ- مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ- يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ- جَمِيعَ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ تَامًّا وَافِيًا بِدَفْعِ فُلَانٍ ذَلِكَ إلَيْهِ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ- يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ- وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا وَزْنَ سَبْعَةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ التَّصْرِيحُ بِالْقَبْضِ وَجَبَ التَّصْرِيحُ بِالدَّفْعِ أَيْضًا حَتَّى يَكُونَ قَبْضُ الْبَائِعِ الثَّمَنَ بِدَفْعِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مَنْ ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَإِذَا أَخَذَهُ لَا يَمْلِكُهُ بَلْ يَكُونُ غَاصِبًا فَيُكْتَبُ: دَفَعَ الْمُشْتَرِي، تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَكْتُبُ: وَدَفَعَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الثَّمَنَ كُلَّهُ تَامًّا وَافِيًا قَبَضَهُ مِنْهُ فُلَانٌ وَأَبْرَأَهُ مِنْ جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ التَّصْرِيحُ بِالْقَبْضِ وَالدَّفْعِ جَمِيعًا وَجَبَ تَقْدِيمُ الدَّفْعِ عَلَى الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ لِلْقَبْضِ حُكْمَ الدَّفْعِ، وَالْحُكْمُ يَتَأَخَّرُ عَنْ السَّبَبِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الدَّفْعُ سَابِقًا عَلَى الْقَبْضِ إلَّا أَنَّ فِيمَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ نَوْعُ خَلَلٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَبْرَأَهُ مِنْ جَمِيعِهِ يَقْتَضِي بَرَاءَةً مُبْتَدَأَةً لَا بِسَبَبِ الْقَبْضِ، وَالْبَائِعُ إذَا أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ رَدُّ مَا قَبَضَ مِنْ الثَّمَنِ فَالْأَصْوَبُ أَنْ يَكْتُبَ: دَفَعَ فُلَانٌ الثَّمَنَ إلَى فُلَانٍ تَامًّا وَافِيًا وَقَبَضَهُ مِنْهُ فُلَانٌ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْهُ وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا حَتَّى يَكُونَ الدَّفْعُ مُقَدَّمًا عَلَى الْقَبْضِ وَيَثْبُتُ صِحَّةُ الْقَبْضِ بِذِكْرِ الْبَرَاءَةِ إلَيْهِ وَيَنْتَفِي وَهْمُ الْبَرَاءَةِ الْمُبْتَدَأَةِ وَإِنَّمَا يَكْتُبُ: تَامًّا وَافِيًا لِلتَّأْكِيدِ وَيَكْتُبُ فِي الصَّكِّ زَوَائِدَ لِلتَّأْكِيدِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْكِتَابِ: قَبَضَ الْمَبِيعَ.
وَكَمَا يَحْتَاجُ إلَى كِتَابَةِ قَبْضِ الثَّمَنِ لِيَكُونَ حُجَّةً لِلْمُشْتَرِي يَحْتَاجُ إلَى كِتَابَةِ قَبْضِ الْمَبِيعِ لِيَكُونَ حُجَّةً لِلْبَائِعِ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يُكْتَبَ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الشُّرُوطِ فِيهِ فَكَانَ السَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ وَأَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ يَكْتُبُونَ: وَسَلَّمَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَكْتُبُ: وَسَلَّمَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ إلَى فُلَانِ جَمِيعِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ وَأَنَّهُ أَحْسَنُ وَإِنَّمَا كَتَبُوا: وَسَلَّمَ فُلَانٌ وَلَمْ يَكْتُبُوا: وَقَبَضَ فُلَانٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَقَبَضَ فُلَانٌ إذْنَ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الدَّارِ، وَفِي مَذْهَبِ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَعْدَمَا نَقَدَ الثَّمَنَ لَا يَمْلِكُ قَبْضَ الْمُشْتَرَى إلَّا بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَلَوْ قَبَضَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ كَالْغَاصِبِ وَكَانَ لِلْبَائِعِ إخْرَاجُهُ مِنْ يَدِهِ فَاخْتَارُوا لَفْظَ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ إذْنُ الْبَائِعِ بِالْقَبْضِ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ فَكَتَبْنَا التَّسْلِيمَ لِهَذَا.
وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَيْضًا فِي الْكِتَابِ رُؤْيَةَ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْمَبِيعَ وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ بَيْعَ مَا لَمْ يَرَهُ وَشِرَاءَ مَا لَمْ يَرَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ بَيْعَ مَا لَمْ يَرَهُ وَلَمْ يُجَوِّزْ شِرَاءَ مَا لَمْ يَرَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِهِمَا إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ وَفِي الشِّرَاءِ لِلْمُشْتَرِي فَلَا بُدَّ مِنْ كِتَابَةِ ذَلِكَ لِيَجُوزَ الْبَيْعُ وَيَنْتَفِيَ الْخِيَارُ بِالِاتِّفَاقِ ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الشُّرُوطِ فِي كِتَابَتِهِ فَكَانَ السَّمْتِيُّ يَكْتُبُ: وَقَدْ أَقَرَّ فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَنَّهُمَا قَدْ رَأَيَا جَمِيعَ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا وَمَا هُوَ دَاخِلٌ فِيهَا وَمَا هُوَ خَارِجٌ مِنْهَا وَيُبَيِّنُ لَهُمَا جَمِيعًا ذَلِكَ وَجَمِيعَ مَا فِيهَا مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ عَرَفَاهُ وَرَأَيَاهُ عِنْدَ عُقْدَةِ الْبَيْعِ الْمُسَمَّاةِ فِي الْكِتَابِ وَقُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ وَأَبُو زَيْدٍ يَكْتُبُ: وَقَدْ نَظَرَ فُلَانٌ- يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ- إلَى جَمِيعِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَرَضِيَ بِهَا.
وَمَا قَالَهُ السَّمْتِيُّ أَحْسَنُ وَأَصَحُّ وَمَا قَالَهُ السَّمْتِيُّ مِنْ رُؤْيَتِهِمَا الْمَبِيعَ عِنْدَ عُقْدَةِ الْبَيْعِ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مِنْ مَذْهَبِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى مَا رَأَى وَلَمْ يَكُنْ مُعَايِنًا لَهُ عِنْدَ الْبَيْعِ بَلْ كَانَ غَائِبًا عَنْهُ لَا يَجُوزُ فَتَحَرَّزْنَا عَنْ قَوْلِهِ وَكَتَبْنَا رُؤْيَتَهُمَا عِنْدَ عُقْدَةِ الْبَيْعِ فَأَمَّا رُؤْيَتُهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ فَغَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا لَكِنَّ ذِكْرَهُ لِلتَّأْكِيدِ وَمَا قَالَهُ مِنْ كِتَابَةِ رُؤْيَتِهِمَا جَمِيعَ الدَّارِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا وَمَا فِيهَا مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ دَاخِلٍ فِيهَا وَخَارِجٍ مِنْهَا أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، فَإِنَّ مِنْ مَذْهَبِ عُلَمَائِنَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا نَظَرَ إلَى خَارِجِ الدَّارِ وَلَمْ يَرَ مَا سِوَى ذَلِكَ يَبْطُلُ خِيَارُ رُؤْيَتِهِ وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هُوَ عَلَى خِيَارِهِ حَتَّى يَنْظُرَ إلَى جَمِيعِ خَارِجِ الدَّارِ وَإِلَى جَمِيعِ دَاخِلِ الدَّارِ وَإِلَى بَعْضِ أَرْضِهَا وَعِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هُوَ عَلَى خِيَارِهِ حَتَّى يَنْظُرَ إلَى كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مِنْهَا وَإِلَى سَائِرِ أَرْضِهَا.
وَإِلَى سَائِرِ بِنَائِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْهَا فَتَحَرَّزْنَا عَنْ الِاخْتِلَافِ وَكَتَبْنَا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَيْضًا تَفَرُّقَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِأَبْدَانِهِمَا وَكَانَ الْخَصَّافُ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَكْتُبُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَعَامَّةُ أَهْلِ الشُّرُوطِ كَانُوا يَكْتُبُونَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَعِنْدَنَا لَيْسَ لَهُمَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ فَرُبَّمَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ بِأَنْ يَعْتَقِدَا مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَيَقُولَ أَحَدُهُمَا فَسَخْتُ الْعَقْدَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَادَّعَى الْآخَرُ الْإِجَازَةَ فَكَتَبْنَا تَفَرُّقَهُمَا بِأَبْدَانِهِمَا بَعْدَ إنْفَاذِ هَذَا الْبَيْعِ قَطْعًا لِهَذِهِ الْمُنَازَعَةِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الشُّرُوطِ فِي كِتَابَةِ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَأَبُو زَيْدٍ كَانَ يَكْتُبُ: وَتَفَرَّقَا جَمِيعًا بِأَبْدَانِهِمَا بَعْدَ الْبَيْعِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ وَصِحَّتِهِ وَوُجُوبِهِ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَالطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَانَ يَكْتُبُ: وَتَفَرَّقَا جَمِيعًا بِأَبْدَانِهِمَا بَعْدَ هَذَا الْبَيْعِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا جَمِيعًا بِجَمِيعِهِ وَإِنْفَاذٍ مِنْهُمَا لَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي حَتَّى لَا يَصِيرَ الْمُشْتَرِي مُقِرًّا بِصِحَّةِ الشِّرَاءِ فَلَا يَنْسَدُّ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ مَتَى اُسْتُحِقَّ الْمُشْتَرَى مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ دَرْكٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَعَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ خَلَاصُهُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ لَهُ اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مَذْكُورٌ بِالنَّصْبِ أَوْ بِالرَّفْعِ.
وَالنَّصْبُ أَوْضَحَ مَعْنَاهُ فَمَا لَحِقَهُ مِنْ الدَّرْكِ وَلَمْ يُرِدْ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بِقَوْلِهِ فَعَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ خَلَاصُهُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ لَهُ تَخْلِيصُ الْمَبِيعِ لَهُ لَا مَحَالَةَ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ مَا لَا يُمْكِنُهُ الْوَفَاءُ بِهِ عَسَى وَلَكِنْ أَرَادَ بِهِ تَخْلِيصَ الْمَبِيعِ إنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ وَرَدَّ الثَّمَنِ إنْ لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ وَهَذَا شَرْطٌ يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشُّرُوطِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَاهُ صَرِيحًا فَقَالَ فَعَلَى فُلَانٍ خَلَاصُ ذَلِكَ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ أَوْ يَرُدَّ الثَّمَنَ عَلَيْهِ قَالَ ثَمَّةَ، وَهَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَكَانَ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ يَكْتُبَانِ: فَمَا أَدْرَكَ فِي هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ حُقُوقِهَا مِنْ دَرْكٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ كُلِّهِمْ فَعَلَى فُلَانٍ خَلَاصُ ذَلِكَ كُلِّهِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ حَتَّى يُسَلِّمَهُ أَوْ يُخَلِّصَهُ لَهُ مِنْ كُلِّ دَرْكٍ وَتَبِعَةٍ.
وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ يَكْتُبُ: فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ- يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ- فِي ذَلِكَ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ فِي حُقُوقِهِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهِ مِنْ دَرْكٍ فَعَلَى فُلَانٍ- يَعْنِي الْبَائِعَ- تَسْلِيمُ ذَلِكَ عَلَى مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَمَا كَتَبَهُ أَبُو زَيْدٍ أَحَبُّ إلَيْنَا مِمَّا كَتَبَهُ يُوسُفُ وَهِلَالٌ؛ لِأَنَّ يُوسُفَ وَهِلَالًا-
رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- لَمْ يَكْتُبَا الدَّرْكَ مُضَافًا إلَى الْمُشْتَرِي بَلْ أَطْلَقَا فَيَتَنَاوَلُ هَذَا الْمُشْتَرِيَ وَكُلَّ مَنْ يَتَمَلَّكُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ نَحْوِ الشِّرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ فَيَكُونُ ضَمَانُ الدَّرْكِ مَشْرُوطًا لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتَمَلَّكُونَ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِ الْمُشْتَرَى وَيَكُونُ هَذَا شَرْطُ الرُّجُوعِ لِلْمُشْتَرِي مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِ هَذَا الْمُشْتَرَى عِنْدَ وُرُودِ الِاسْتِحْقَاقِ وَعَدَمِ إجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حَقُّ الرُّجُوعِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ لَا عَلَى بَائِعِ بَائِعِهِ وَوَارِثُ الْمُشْتَرِي إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ مُوَرِّثِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِبَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ خَلَفٌ عَنْ مُوَرِّثِهِ وَلِهَذَا يَقْضِي مِنْ هَذَا الثَّمَنِ دَيْنَ الْمُوَرِّثِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ كَانَ حَقُّ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ لَا لِلْوَارِثِ فَلَوْ كُتِبَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَكْتُبُ يُوسُفُ وَهِلَالٌ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ شُرِطَ فِي الْبَيْعِ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْبَيْعُ فَيُفْضِي لِفَسَادِ الْبَيْعِ فَيُتَحَرَّزُ عَنْ ذَلِكَ بِإِضَافَةِ الدَّرْكِ إلَى الْمُشْتَرِي وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَكْتُبُ: فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَكُلُّ أَحَدٍ بِسَبَبِهِ فَعَلَى فُلَانٍ الْبَائِعِ خَلَاصُهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَهُ وَرَثَتُهُ وَالْمُشْتَرُونَ مِنْهُ.
وَالْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِمْ وَالْمَوْهُوبُ لَهُمْ وَسَائِرُ مَنْ يَتَمَلَّكُ الدَّارَ مِنْ جِهَتِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِهَؤُلَاءِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى بَائِعِ الْمُشْتَرَى فَإِذَا كُتِبَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ شُرِطَ عَلَى الْبَائِعِ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَكْتُبُ: فَعَلَى فُلَانٍ- يَعْنِي الْبَائِعَ- عُهْدَةُ ذَلِكَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْعُهْدَةَ الصَّكُّ الْقَدِيمُ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَحَقٍّ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِذَا شُرِطَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ فَقَدْ شُرِطَ مَا لَا يُلَائِمُ الْعَقْدَ فَيُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ الشُّرُوطِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ: فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ الْمُشْتَرِي مِنْ دَرْكٍ فَعَلَى فُلَانٍ الْبَائِعِ خَلَاصُ ذَلِكَ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ أَوْ يَرُدَّ الثَّمَنَ وَلَكِنْ يُكْتَبُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَكْتُبُ أَبُو زَيْدٍ: فَمَا أَدْرَكَ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهِ مِنْ دَرْكٍ فَعَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ.؛ لِأَنَّ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا فِي الْمَبِيعِ إذَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ مَاذَا يَجِبُ لِلْبَائِعِ بِحُكْمِ الْبَيْعِ؟ فَعِنْدَنَا عَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَسَوَارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيّ عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ فِي مَوْضِعِهَا فِي الرِّفْعَةِ وَالْحَطِّ وَالْقِيمَةِ وَالذَّرْعِ وَالْبِنَاءِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ رَدُّ قِيمَةِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلَهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَلَمَّا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ الْأَحْوَطُ أَنْ لَا يُكْتَبَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ حَتَّى لَا يُبْطِلَهُ قَاضٍ يَرَى خِلَافَ ذَلِكَ وَكَانَ الْمَكْتُوبُ عِنْدَهُ شَرْطًا لَا يُلَائِمُ الْعَقْدَ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ وَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ فَعَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَا تُعْمَلُ الْإِجَازَةُ أَصْلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا يَقِفُ عَلَى الْإِجَازَةِ وَعِنْدَنَا إنْ كَانَتْ الْإِجَازَةُ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي لِلْمُسْتَحِقِّ بِالْعَيْنِ تُعْمَلُ إجَازَتُهُ فَكَانَ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ إلَيْهِ إلَّا رِوَايَةً رُوِيَتْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ الْخُصُومَةَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ.
وَطَلَبَ الْحُكْمِ مِنْ الْقَاضِي دَلِيلُ النَّقْضِ فَيُنْتَقَضُ بِهِ الْبَيْعُ كَمَا يُنْتَقَضُ بِصَرِيحِ النَّقْضِ وَلَا تُعْمَلُ إجَازَةُ الْمُسْتَحِقِّ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَازَةُ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي فَقَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا تُعْمَلُ الْإِجَازَةُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالْعَيْنِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَعَلَى قَوْلِهِمَا تُعْمَلُ الْإِجَازَةُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عِنْدَهُمَا لَا يَنْفَسِخُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَبِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالْعَيْنِ لِلْمُسْتَحِقِّ، هَكَذَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ وَقَدْ كَتَبَ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ أَنَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَتُعْمَلُ إجَازَةُ الْمُسْتَحِقِّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ أَخْذَ الْمُسْتَحِقِّ الْعَيْنَ بِحُكْمِ الْقَاضِي دَلِيلُ النَّقْضِ فَيُنْتَقَضُ بِهِ الْبَيْعُ فَلَا تُعْمَلُ إجَازَةُ الْمُسْتَحِقِّ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ وَلَا تُعْمَلُ إجَازَةُ الْمُسْتَحِقِّ.
فَإِذَا شُرِطَ تَسْلِيمُ الدَّارِ فَإِنَّمَا يُمْكِنُهُ التَّسْلِيمُ إذَا اشْتَرَى الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ ثُمَّ يُسَلِّمُهَا إلَيْهِ وَالشَّرْطُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُفْسِدُ الْعَقْدَ فَكَانَ الْأَحْوَطُ أَنْ يُكْتَبَ: فَعَلَيْهِ تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَكَذَلِكَ لَا يُكْتَبُ: فَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ إنْ وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى كُلِّ الدَّارِ فَعِنْدَنَا يَجِبُ رَدُّ كُلِّ الثَّمَنِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْمُخَالِفِينَ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ تِلْكَ الدَّارِ صُورَةً وَمَعْنًى وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ تَجِبُ قِيمَةُ تِلْكَ الدَّارِ إنْ وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى جَمِيعِ الدَّارِ، وَإِنْ وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى بَعْضِ الدَّارِ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى شَيْءٍ لَا بِعَيْنِهِ نَحْوِ الثُّلُثِ وَالرُّبْعِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ عِنْدَنَا إنْ شَاءَ رَدَّ مَا بَقِيَ وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ مَا بَقِيَ وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ وَإِنْ وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ وَاسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ.
هَكَذَا ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي شُرُوطِهِ وَقَالَ الْخَصَّافُ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ الْبَاقِيَ وَرَجَعَ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْمَبِيعَ وَرَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ: يَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ وَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ الْوَاجِبُ رَدُّ مِثْلِ تِلْكَ الدَّارِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ الْوَاجِبُ رَدُّ قِيمَةِ الدَّارِ كَانَ اشْتِرَاطُ الثَّمَنِ شَرْطًا لَا يُلَائِمُ الْعَقْدَ فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ فَلَا يُكْتَبُ ذَلِكَ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِهِ: وَعِنْدَنَا الْوَاجِبُ رَدُّ جَمِيعِ الثَّمَنِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَرَدُّ بَعْضِ الثَّمَنِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَإِذَا اشْتَرَطْنَا عَلَيْهِ رَدَّ جَمِيعِ الثَّمَنِ مُطْلَقًا فَقَدْ شَرَطْنَا عَلَيْهِ شَرْطًا يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَيُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ أَمَّا إذَا كَتَبْنَا: فَعَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ فَأَيُّ شَيْءٍ يُقْضَى بِهِ عَلَى الْبَائِعِ إذَا وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ وَلَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ كَانَ ذَلِكَ مُوجِبَ هَذَا الْبَيْعِ عِنْدَ الْكُلِّ كَمَا كُتِبَ فِي الْكِتَابِ فَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ مِنْ الْقُضَاةِ إبْطَالُ هَذَا الْبَيْعِ مَتَى رُفِعَ إلَيْهِ فَكَانَ هَذَا أَحْوَطُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- يَكْتُبَانِ بَعْدَمَا كَتَبْنَا الدَّرْكَ فَعَلَى فُلَانٍ خَلَاصُهُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ لَهُ أَوْ يَرُدَّ الثَّمَنَ عَلَيْهِ مَعَ قِيمَةِ مَا يُحْدِثُ فُلَانٌ- يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ- أَوْ يُحْدَثُ لَهُ بِأَمْرِهِ يَعْنِي بِأَمْرِ الْبَائِعِ مِنْ بِنَاءٍ وَغَرْسٍ وَزَرْعٍ إنَّمَا كَتَبْنَا ضَمَانَ قِيمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ لِأَنَّ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إنَّمَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا ضَمِنَ الْبَائِعُ ذَلِكَ.
أَمَّا إذَا لَمْ يَضْمَنْ الْبَائِعُ فَلَا وَإِنَّمَا كَتَبْنَا بِأَمْرِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ يَقُولُ الْبَائِعُ وَإِنْ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ إذَا أَمَرَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ فَكَتَبْنَا ضَمَانَ الْبَائِعِ وَأَمْرَهُ بِذَلِكَ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ هَؤُلَاءِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَكْتُبُ مَا يُحْدِثُ فُلَانٌ الْمُشْتَرِي مِنْ بِنَاءٍ وَغَرْسٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَوَابٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ يُحْدِثُ فِي الدَّارِ مَا لَا يَكُونُ لَهُ رُجُوعٌ بِقِيمَةِ ذَلِكَ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ نَحْوُ حَفْرِ الْبِئْرِ وَتَنْقِيَةِ الْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْبَائِعِ فَإِذَا شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ فَقَدْ شَرَطَ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقُولُ الْأَحْوَطُ أَنْ لَا يُكْتَبَ قِيمَةُ مَا يُحْدِثُ الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ يُكْتَبُ: فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهَا أَوْ فِيمَا يُحْدِثُهُ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ زَرْعٍ فَعَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ حَتَّى يُسَلَّمَ ذَلِكَ إلَى فُلَانٍ.؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَمَا بَنَى الْمُشْتَرِي فِيهَا بِنَاءً أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ فَلِأَصْحَابِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ شَاذَّةٍ قَالُوا الْبَائِعُ إذَا كَانَ حَاضِرًا فَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَائِمًا وَيَكُونُ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَالزَّرْعُ لِلْبَائِعِ بِمَا ضَمِنَ مِنْ الْقِيمَةِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَ هَذَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْبَائِعَ بِقَلْعِ ذَلِكَ وَرَفْعِهِ عَنْ أَرْضِهِ وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهُ لِنَفْسِهِ وَغَرِمَ لَهُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا كَانَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَأْخُذَ الْمُشْتَرِيَ حَتَّى يَرْفَعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ عَنْ أَرْضِهِ وَلَا يَنْتَظِرُ قُدُومَ الْبَائِعِ فَإِذَا قَلَعَهُ الْمُشْتَرِي عَنْ أَرْضِهِ سَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ إلَيْهِ كَذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ مَنَعَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ قَلْعِ ذَلِكَ وَحَبَسَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَغَرِمَ لَهُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَلَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ غَيْرِ الثَّمَنِ الَّذِي أَعْطَاهُ.
وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَالُوا الْمُسْتَحِقُّ إذَا أَخَذَ الْمُشْتَرِيَ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالزَّرْعِ فَالْمُشْتَرِي يَرْفَعُ ذَلِكَ عَنْ أَرْضِهِ وَيَكُونُ النَّقْضُ لَهُ ثُمَّ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ دَفَعَ النَّقْضَ إلَى الْبَائِعِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ قَائِمًا.
وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ النَّقْضَ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ فَإِذَا كَانَ عِنْدَنَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ دُونَ الْبَعْضِ فَإِذَا كَتَبْنَا الرُّجُوعَ مُطْلَقًا فَقَدْ أَثْبَتْنَا حَقَّ الرُّجُوعِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَيُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ عِنْدَنَا وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا بَنَى وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الدَّارَ مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّ حَتَّى كَانَ بَانِيًا عَلَى غُرُورٍ وَجَهَالَةٍ ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْتَحِقُّ فَالْقَاضِي يَقُولُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ إنْ شِئْتَ أَعْطَيْتَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَبْنِيًّا؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى غُرُورٍ وَجَهَالَةٍ وَالْبِنَاءُ لَكَ وَإِنْ شِئْتَ لَمْ تَضْمَنْ لَهُ قِيمَتَهُ وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي شَرِيكَكَ وَلَا يُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي بِرَفْعِ الْبِنَاءِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَعْلَمُ أَنَّ الدَّارَ مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّ وَمَعَ ذَلِكَ بَنَى فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَأْخُذَ الْبِنَاءَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ فِي قَوْلِ هَؤُلَاءِ فَإِذَا شَرَطْنَا رُجُوعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فَقَدْ شَرَطْنَا شَرْطًا لَا يُلَائِمُ مُوجِبَ الْعَقْدِ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ فَيُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ وَمِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ مَا يُحْدِثُ فَكَانَ هَذَا شَرْطًا لَا يُلَائِمُ مُوجِبَ الْعَقْدِ عَلَى قَوْلِهِ أَيْضًا فَيَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْ كِتَابَةِ قِيمَةِ مَا يُحْدِثُهُ الْمُشْتَرِي صِيَانَةً لِلْعَقْدِ عَنْ الْفَسَادِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ غَيْرِنَا وَلَكِنْ يُكْتَبُ: فَعَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فُلَانٍ حَتَّى إذَا رُفِعَ إلَى قَاضٍ مِنْ الْقُضَاةِ لَا يَقْضِي بِفَسَادِ هَذَا الْبَيْعِ وَيَقْضِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يُوجِبُهُ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى مَذْهَبِهِ إلَّا أَنَّ مَا قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إنْ كَانَ يَحْصُلُ صِيَانَةُ الْعَقْدِ عَنْ الْفَسَادِ لَا يَحْصُلُ صِيَانَةُ حَقِّ الْمُشْتَرِي فِيمَا يُحْدِثُ مِنْ بِنَاءٍ وَغَرْسٍ وَزَرْعٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكْتُبْ مَا أَدْرَكَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِأَمْرِ الْبَائِعِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَكْتُبْ مِقْدَارَ الضَّمَانِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ قِيمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ لِصِحَّةِ الضَّمَانِ وَلِرُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْرُ الْمَضْمُونِ بِهِ مَعْلُومًا فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكْتُبَ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ كِتَابًا عَلَى حِدَةٍ أَوْ يَكْتُبَ ضَمَانَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي صَكِّ الشِّرَاءِ وَيَكْتُبَ أَنَّ هَذَا الضَّمَانَ مِنْ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي هَذَا الْبَيْعِ وَإِنَّمَا ضَمِنَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعِ.
وَيَذْكُرَ قَدْرَ قِيمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَيَقُولَ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى أَلْفٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، يَذْكُرُ مِقْدَارًا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا تَزِيدُ قِيمَةُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى ذَلِكَ فَيَقَعُ التَّحَرُّزُ عَنْ فَسَادِ الْعَقْدِ وَتَحْصُلُ صِيَانَةُ حَقِّ الْمُشْتَرِي فِيمَا يُحْدِثُ مِنْ بِنَاءٍ وَغَرْسٍ وَزَرْعٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَشَهِدَ: أَيْ شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ، وَمِنْ أَهْلِ الشُّرُوطِ مَنْ يَكْتُبُ هَذَا اللَّفْظَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فَيَقُولُ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ وَالْأَحْسَنُ عِنْدَنَا أَنْ يَذْكُرَهُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ إنَّمَا يَكْتُبُونَ شَهَادَتَهُمْ فِي آخِرِ الْكِتَابِ فَالْأَحْسَنُ ذِكْرُ هَذَا اللَّفْظِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُثْبِتُ الشُّهُودُ فِيهِ أَسَامِيَهُمْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاقْتَصَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا آخَرَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- كَانَا يَقْتَصِرَانِ عَلَى هَذَا أَيْضًا وَهُوَ: وَشَهِدَ، وَأَهْلُ الشُّرُوطِ كَيُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ وَهِلَالٍ وَأَبِي زَيْدٍ زَادُوا عَلَى هَذَا فَيُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ وَهِلَالٌ كَتَبَا شَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَعَلَى إقْرَارِهِمَا بِمَعْرِفَتِهِمَا جَمِيعَ مَا سُمِّيَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي صِحَّةٍ مِنْهُمَا وَجَوَازِ أَمْرِهِمَا وَذَلِكَ فِي شَهْرِ كَذَا فِي سَنَةِ كَذَا وَأَبُو زَيْدٍ كَتَبَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ عَلَى إقْرَارِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ بِجَمِيعِ مَا سُمِّيَ وَوُصِفَ فِي كِتَابِنَا وَعَلَى مَعْرِفَتِهِمَا جَمِيعًا بِجَمِيعِ مَا فِيهِ بَعْدَ أَنْ قُرِئَ عَلَيْهِمَا وَأَقَرَّا أَنَّهُمَا قَدْ فَهِمَاهُ حَرْفًا حَرْفًا وَأَشْهَدَاهُمْ بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فِي صِحَّةٍ مِنْ عُقُولِهِمَا وَأَبْدَانِهِمَا وَجَوَازِ أُمُورِهِمَا طَائِعَيْنِ غَيْرَ مُكْرَهَيْنِ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِمَا فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِهِمَا وَهُمَا مَأْمُورَانِ عَلَى أَمْوَالِهِمَا غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِمَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا عِلَّةَ لَهُمَا مِنْ مَرَضٍ وَغَيْرِهِ وَكَتَبَ فِي شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَيُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ وَهِلَالٌ اخْتَارَا كِتَابَةَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْإِثْبَاتِ بِجَمِيعِ مَا فِي الْكِتَابِ وَأَبُو زَيْدٍ اخْتَارَ كِتَابَةَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى إقْرَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِجَمِيعِ مَا فِي الْكِتَابِ وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْكِتَابَ يَشْتَمِلُ عَلَى مَا يَقِفُ عَلَيْهِ الشُّهُودُ حَقِيقَةً.
وَهُوَ لَفْظُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَبْضُ الثَّمَنِ وَقَبْضُ الْمَبِيعِ وَتَفَرُّقُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِأَبْدَانِهِمَا وَضَمَانُ الدَّرْكِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَعَلَى مَا لَا يَقِفُ عَلَيْهِ الشُّهُودُ حَقِيقَةً وَهُوَ انْتِفَاءُ مَعْنَى التَّلْجِئَةِ وَالسُّمْعَةِ فِي الْبَيْعِ وَتَقْرِيرِ الثَّمَنِ لِجَوَازِ أَنْ يَتَوَاضَعَا أَنَّ الْبَيْعَ تَلْجِئَةً وَيُظْهِرَا أَنَّ الْبَيْعَ فِي الْعَلَانِيَةِ رِيَاءً وَسُمْعَةً وَيَتَوَاضَعَا فِي السِّرِّ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَيُظْهِرَا فِي الْعَلَانِيَةِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَكَذَلِكَ رُؤْيَةُ الْمُتَبَايِعَيْنِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَقِفُ عَلَيْهِ الشُّهُودُ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَقِفُ عَلَى رُؤْيَةِ غَيْرِهِ سِوَى أَنَّهُ يَنْظُرُ أَنَّهُ أَقْبَلَ إلَيْهِ بِبَصَرِهِ وَرُبَّمَا يُقْبِلُ الْإِنْسَانُ بِبَصَرِهِ عَلَى شَيْءٍ وَلَا يَقِفُ عَلَيْهِ وَلَا يَرَاهُ، وَكَذَلِكَ تَفَاهُمُهُمَا مَا فِي الْكِتَابِ مِمَّا لَا يَقِفُ الشُّهُودُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا يَعْرِفُ الشُّهُودُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بِإِقْرَارِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِهَا وَإِنَّمَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا تَحْصُلُ بِهِ مَعْرِفَةُ الْمَشْهُودِ بِهِ لِلشَّاهِدِ فِيمَا كَانَ لِلشُّهُودِ وُقُوفًا عَلَيْهِ حَقِيقَةً يَكْتُبُ شَهَادَتَهُمْ عَلَى الْإِثْبَاتِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ وَقَفُوا عَلَيْهِ بِالْحَقِيقَةِ وَمَا لَا وُقُوفَ لِلشَّاهِدِ عَلَيْهِ حَقِيقَةً يَكْتُبُ شَهَادَتَهُمْ فِيهِ عَلَى إقْرَارِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِهِ فَيَكْتُبُ شَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ مَا يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَقِفُوا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَعَلَى إقْرَارِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِمَا لَمْ يَقِفُوا عَلَى حَقِيقَتِهِ ثُمَّ إنَّ يُوسُفَ بْنَ خَالِدٍ وَهِلَالًا- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- كَتَبَا فِي صِحَّةٍ مِنْهُمَا وَجَوَازِ أَمْرِهِمَا وَأَبُو زَيْدٍ كَتَبَ فِي صِحَّةٍ مِنْ عَقْلِهِمَا وَجَوَازِ أَمْرِهِمَا وَالطَّحَاوِيُّ كَتَبَ فِي صِحَّةِ عَقْلِهِمَا وَجَوَازِ أَمْرِهِمَا وَمَا كَتَبَهُ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَوْثَقُ وَأَحْوَطُ.
وَهَلْ يَكْتُبُ مَعْرِفَةَ الشُّهُودِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِوَجْهِهِمَا وَأَسْمَائِهِمَا وَأَنْسَابِهِمَا وَالسَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ كَانَا لَا يَكْتُبَانِ ذَلِكَ، وَغَيْرُهُمَا كَانَ يَكْتُبُ ذَلِكَ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- قَالُوا إنْ كَانَ الْمُتَبَايِعَانِ مَعْرُوفَيْنِ عِنْدَ النَّاسِ مَشْهُورَيْنِ لَا حَاجَةَ إلَى كِتَابَةِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مَشْهُورَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا بِحَضْرَتِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ إيَّاهُمَا بِوُجُوهِهِمَا لِيُمْكِنَهُمْ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا وَعِنْدَ غَيْبَتِهِمَا وَمَوْتِهِمَا يَحْتَاجُونَ إلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ بِاسْمِهِمَا وَنَسَبِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ اسْمِهِمَا وَنَسَبِهِمَا وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى إقْرَارِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَعَسَى يُسَمِّي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَفْسَهُ وَنَسَبَهُ بِاسْمِ غَيْرِهِ وَنَسَبِهِ يُرِيدُ أَنْ يُزَوِّرَ عَلَى الشُّهُودِ لِيَخْرُجَ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِ الْغَيْرِ فَالِاعْتِمَادُ عَلَى قَوْلِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي اسْمِهِمَا وَنَسَبِهِمَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ مِلْكِ غَيْرِهِمَا عَسَى، وَهَذَا فَصْلٌ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ عَنْهُ غَافِلُونَ فَإِنَّهُمْ يَسْتَمِعُونَ لَفْظَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِقْرَارِ بِالتَّقَابُضِ مِنْ رَجُلَيْنِ لَا يَعْرِفُونَهُمَا ثُمَّ إذَا اُسْتُشْهِدُوا بَعْدَ مَوْتِ صَاحِبِ الْمَبِيعِ يَشْهَدُونَ عَلَى ذَلِكَ الِاسْمِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عِلْمٌ بِذَلِكَ فَيَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْ ذَلِكَ صِيَانَةً لِأَمْلَاكِ النَّاسِ عَنْ الْإِبْطَالِ وَصِيَانَةً لِنَفْسِهِ عَنْ الْكَذِبِ وَالْمُجَازَفَةِ ثُمَّ طَرِيقُ عِلْمِ الشَّاهِدِ بِالنَّسَبِ إخْبَارُ جَمَاعَةٍ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-.
وَعِنْدَهُمَا الطَّرِيقُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَإِذَا أَرَادَ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ عَلَى النَّسَبِ وَيَلْحَقُهُ الْحَرَجُ فِي إحْضَارِ تِلْكَ الْجَمَاعَةِ الَّتِي شَرَطَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- شَهَادَتَهُمْ لِحُصُولِ الْعِلْمِ يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ الشُّهُودِ شَاهِدَانِ عَلَى نَسَبِهِمَا وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى شَهَادَتِهِمَا حَتَّى إذَا احْتَاجُوا إلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَتِهِمَا بِالنَّسَبِ وَشَهِدُوا عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ بِشَهَادَةِ أَنْفُسِهِمَا وَفِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ وَجْهِهَا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَبِتَعْرِيفِ الشُّهُودِ أَنَّهَا فُلَانَةُ لَا يَحِلُّ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا وَأَمَّا حَالَ غَيْبَتِهَا أَوْ مَوْتِهَا إذَا احْتَاجَ الشُّهُودُ إلَى الشَّهَادَةِ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ فَطَرِيقُ صِحَّةِ التَّحَمُّلِ مَا ذَكَرْنَا فِي الرَّجُلِ الْمَجْهُولِ مِنْ شَهَادَةِ جَمَاعَةٍ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَشَهَادَةُ شَاهِدَيْنِ عِنْدَهُمَا وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْفَصْلَ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ.
(إذَا كَانَ بِالدَّرْكِ كَفِيلٌ) قَالَ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ كَفِيلًا مِنْ الْبَائِعِ كَيْفَ يُكْتَبُ؟ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا إنْ أَخَذَ كَفِيلًا بِالدَّرْكِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِشَيْءٍ آخَرَ وَإِمَّا إنْ أَخَذَ كَفِيلًا بِجَمِيعِ مَا يَجِبُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ مِنْ حَقٍّ بِسَبَبِ هَذَا الْبَيْعِ مِنْ الثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالزَّرْعِ وَالْغَرْسِ وَأَيًّا مَا كَانَ فَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ كَفَالَةٌ بِدَيْنٍ سَيَجِبُ وَأَنَّهَا جَائِزَةٌ عُرِفَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ، غَيْرَ أَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ رَدُّ الثَّمَنِ لَا غَيْرُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالزَّرْعِ وَالْغَرْسِ؛ لِأَنَّ الدَّرْكَ إذَا أُطْلِقَ يُرَادُ بِهِ فِي الْعُرْفِ رَدُّ الثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ فَتَنْصَرِفُ الْكَفَالَةُ إلَيْهِ وَلَا تَنْصَرِفُ إلَى شَيْءٍ آخَرَ ثُمَّ يُكْتَبُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ كِتَابِ الشِّرَاءِ: فَمَا أَدْرَكَ فُلَانًا مِنْ دَرْكٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَعَلَى فُلَانٍ- يَعْنِي الْبَائِعَ- وَعَلَى فُلَانٍ- يَعْنِي الْكَفِيلَ- خَلَاصُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا جَمِيعًا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا شَتَّى وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى يُسَلِّمَا لَهُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ يَرُدَّا عَلَيْهِ ثَمَنَهَا وَهُوَ كَذَا، هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْكِتَابِ وَإِنَّمَا كَتَبَ إنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا جَمِيعًا تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْكَفَالَةَ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ كَالْحَوَالَةِ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَإِنَّمَا كَتَبَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا شَتَّى وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ ابْنِ شُبْرُمَةَ فَإِنَّ الْكَفَالَةَ عِنْدَهُ لَا تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ إلَّا أَنَّهُ إذَا اتَّبَعَ أَحَدَهُمَا وَطَالَبَهُ بِهِ بَرِئَ الْآخَرُ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُمَا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي شَرْحِهِ قَالُوا وَهَا هُنَا شَرَائِطُ أُخَرُ لَا بُدَّ مِنْ كِتَابَتِهَا فَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ أَنْ يَكْتُبَ كُفِلَ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ أَخْذِ الْكَفِيلِ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَبِهِ أَخَذَ زُفَرُ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَيُكْتَبُ ذَلِكَ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِهِ وَمِنْهَا أَنْ يُكْتَبَ أَنَّ الْكَفَالَةَ كَانَتْ بِأَمْرِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ مِنْ مَذْهَبِ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ الْكَفَالَةَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ لَا تَصِحُّ فَيُكْتَبُ أَمْرُ الْبَائِعِ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِهِ وَمِنْهَا أَنْ يُكْتَبَ إجَازَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الضَّمَانَ فِي مَجْلِسِ الْكَفَالَةِ مُخَاطَبَةً؛ لِأَنَّ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ الْكَفَالَةَ لِلْغَائِبِ لَا تَجُوزُ إذَا لَمْ يُقْبَلْ عَنْهُ إلَّا فِي صُورَةٍ مَخْصُوصَةٍ، عُرِفَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ فَتُشْتَرَطُ إجَازَتُهُ الْكَفَالَةَ فِي مَجْلِسِ الضَّمَانِ مُخَاطَبَةً احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِهِمَا وَمِنْهَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا- يَعْنِي الْبَائِعَ وَالْأَجْنَبِيَّ- كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِنَفْسِهِ بِأَمْرِهِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَغِيبُ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ مُعْسِرٌ فَلَا يَصِلُ مِنْ جِهَتِهِ إلَى حَقِّهِ فَيَجْعَلُهُ كَفِيلًا بِنَفْسِ الْآخَرِ حَتَّى يَأْخُذَهُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِ الْغَائِبِ فَيَصِلُ إلَى حَقِّهِ مِنْ جِهَةِ الْغَائِبِ فَيَكْتُبُ الْكَفَالَةَ بِأَمْرِ الْبَائِعِ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ الْبَتِّيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-.
وَمِنْهَا أَنَّهُ يُكْتَبُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا- أَعْنِي الْبَائِعَ وَالْكَفِيلَ- وَكِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِالْخُصُومَةِ فِيمَا يَدَّعِي الْمُشْتَرِي قِبَلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَبَبِ هَذَا الْبَيْعِ حَالَ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ بِأَنْ يَدَّعِيَ وَارِثُ الْمُشْتَرِي وَكَالَةً صَحِيحَةً عَلَى أَنَّهُ مَتَى فَسَخَهَا يَعُودُ وَكِيلًا بَعْدَ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ لِيَقَعَ التَّوَثُّقُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَجِبْ الْمَالُ عَلَى الْأَصِيلِ لَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ يَتَحَمَّلُ عَنْ الْأَصِيلِ وَرُبَّمَا يَرِدُ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى الْمُشْتَرِي حَالَ غَيْبَةِ الْبَائِعِ وَالْكَفِيلُ حَاضِرٌ وَلَا يُمْكِنُ لِلْمُشْتَرِي إثْبَاتُ حَقِّهِ عَلَى الْبَائِعِ بِدَعْوَاهُ عَلَى الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْكَفِيلُ وَكِيلًا عَنْهُ فِي الْخُصُومَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هَكَذَا رَوَى أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْهُ فَلَا يُمْكِنُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْإِمْلَاءِ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرٍ يَنْتَصِبُ الْكَفِيلُ خَصْمًا عَنْ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرٍ لَا يَنْتَصِبُ الْكَفِيلُ خَصْمًا عَنْ الْبَائِعِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَنْتَصِبُ خَصْمًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرٍ وَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ وَكَالَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا احْتِرَازًا عَنْ هَذَا الْخِلَافِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ الْكَفِيلُ وَكِيلًا عَنْ الْبَائِعِ فِي الْخُصُومَةِ لِيَتَمَكَّنَ الْمُشْتَرِي مِنْ إثْبَاتِ حَقِّهِ عَلَى الْبَائِعِ حَالَ غَيْبَتِهِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ مُطَالَبَةِ الْكَفِيلِ فَأَمَّا لَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِ الْبَائِعِ وَكِيلًا عَنْ الْكَفِيلِ بِالْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ أَصِيلٌ فِيمَا يَدَّعِي عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ الْبَيْعِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ ذَكَرُوا لِذَلِكَ وَجْهًا وَفَائِدَةً لَمْ يَتَّضِحْ لَنَا ذَلِكَ هَذَا إذَا كَفَلَ بِالدَّرْكِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِشَيْءٍ آخَرَ فَأَمَّا إذَا كَفَلَ بِجَمِيعِ مَا يَجِبُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِسَبَبِ هَذَا الْبَيْعِ يَكْتُبُ الْكَفَالَةَ بِالشَّرَائِطِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا وَيُبَيِّنُ مِقْدَارَ مَا كَفَلَ بِهِ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالزَّرْعِ فَيَذْكُرُ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى أَلْفٍ فَيَذْكُرُ عَدَدًا يُعْلِمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ قِيمَةُ الْبِنَاءِ وَالزَّرْعِ وَالْغَرْسِ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
أَخْذُ الْإِقْرَارِ مِمَّنْ يَخَافُ مُنَازَعَتَهُ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ وَقَعَ بِرِضَاهُ وَلَا مُنَازَعَةَ لَهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِلْبَائِعِ ابْنٌ أَوْ زَوْجَةٌ أَوْ أَبٌ يَظُنُّ أَنَّ لَهُ دَعْوَى فِي الْمَبِيعِ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَكْتُبُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ كِتَابَةِ الدَّرْكِ وَأَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ابْنِ هَذَا الْبَائِعِ أَوْ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ زَوْجَةُ هَذَا الْبَائِعِ طَائِعًا فِي حَالِ اسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ إقْرَارًا غَيْرَ مَشْرُوطٍ فِي هَذَا الْبَيْعِ وَلَا مُلْحَقًا بِهِ أَنَّ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُسَمَّاةِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ كَانَتْ مِلْكًا لِفُلَانٍ هَذَا الْبَائِعِ وَحَقًّا لَهُ وَأَنَّهُ بَاعَ مِلْكَ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَا دَعْوَى فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هَذَا صَارَ أَحَقَّ بِذَلِكَ كُلِّهِ مِنْهُ وَمِنْ سَائِرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَأَنَّهُ مَتَى ادَّعَى فِي ذَلِكَ دَعْوَى عَلَى هَذَا الْمُشْتَرِي فَدَعْوَاهُ بَاطِلَةٌ مَرْدُودَةٌ وَصَدَّقَهُ هَذَا الْمُقِرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ مُشَافَهَةً فَأَشْهَدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ كُلِّهِ أَوْ يَكْتُبُ: أَقَرَّ فُلَانٌ، عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا أَنَّ جَمِيعَ مَا وُصِفَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ الْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ وَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَضَمَانِ الدَّرْكِ مِنْ هَذَا الْبَائِعِ فِي هَذَا الْمَبِيعِ كَانَ بِأَمْرِهِ وَإِذْنِهِ وَرِضَاهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ لِهَذَا الْبَائِعِ وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَا دَعْوَى إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا أَوْ يَكْتُبُ مِنْ أَوَّلِهِ اشْتَرَى فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ مِنْ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ بِإِذْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَيَذْكُرُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ بِأَمْرِ فُلَانٍ وَإِذْنِهِ أَيْضًا.
(وَإِذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ دَارَيْنِ) إنْ كَانَتَا مُتَلَازِقَتَيْنِ كَتَبَ جَمِيعَ الدَّارَيْنِ الْمُتَلَازِقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ مَوْضِعُهُمَا فِي كُورَةِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا كَمَا مَرَّ ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ يَكْتُبُ بِحُدُودِهِمَا كُلِّهِمَا وَحُقُوقِهِمَا أَرْضِهِمَا وَبِنَائِهِمَا سُفْلِهِمَا وَعُلُوِّهِمَا وَجَمِيعِ مَرَافِقِهِمَا وَكُلِّ حَقٍّ لَهُمَا دَاخِلٍ فِيهِمَا وَخَارِجٍ مِنْهُمَا وَكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ لَهُمَا فِيهِمَا وَمِنْهُمَا مِنْ حُقُوقِهِمَا ثُمَّ يُتِمُّ الْكِتَابَ عَلَى حَسَبِ مَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَتَا مُتَبَايِنَتَيْنِ إنْ كَانَتَا فِي سِكَّةٍ وَاحِدَةٍ ذُكِرَتْ جَمِيعُ الدَّارَيْنِ الْمُتَبَايِنَتَيْنِ اللَّتَيْنِ مَوْضِعُهُمَا فِي كُورَةِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا فِي سِكَّةِ كَذَا ثُمَّ يَكْتُبُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حُدُودَهَا عَلَى حِدَةٍ ثُمَّ يُتِمُّ الْكِتَابَ عَلَى حَسَبِ مَا مَرَّ وَإِنْ كَانَتَا فِي سِكَّتَيْنِ إنْ كَانَتْ السِّكَّتَانِ فِي مَحَلَّةٍ وَاحِدَةٍ يَكْتُبُ أَمَّا الدَّارُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُمَا فَمَوْضِعُهَا فِي كُورَةِ كَذَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا دَاخِلَ سِكَّةِ كَذَا بِحَضْرَةِ مَسْجِدِ كَذَا وَيَذْكُرُ حُدُودَهَا ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنْ ذِكْرِ حُدُودِهَا كَتَبْتَ: وَأَمَّا الدَّارُ الْأُخْرَى مِنْهُمَا فَمَوْضِعُهَا فِي كُورَةِ كَذَا فِي سِكَّةِ كَذَا مِنْ هَذِهِ الْمَحَلَّةِ ثُمَّ يَذْكُرُ حُدُودَهَا ثُمَّ يُتِمُّ الْكِتَابَ فَإِنْ كَانَتْ السِّكَّتَانِ فِي مَحَلَّتَيْنِ كَتَبْتَ: فَأَمَّا الدَّارُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُمَا فَمَوْضِعُهَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا وَأَمَّا الدَّارُ الْأُخْرَى فَمَوْضِعُهَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا ثُمَّ يُتِمُّ الْكِتَابَ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُفَصَّلًا قُلْتَ بَعْدَ ذِكْرِ الثَّمَنِ إنَّهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ حِصَّةُ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ أَوَّلًا مِنْ هَذَا الثَّمَنِ سِتُّمِائَةٍ وَحِصَّةُ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ آخِرًا أَرْبَعُمِائَةٍ ثُمَّ يُتِمُّ الْكِتَابَ.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بَيْتًا مُعَيَّنًا مِنْ دَارٍ) يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الْبَيْتِ الشَّتْوِيِّ أَوْ جَمِيعَ الْبَيْتِ الصَّيْفِيِّ أَوْ جَمِيعَ بَيْتِ الطَّابَقِ أَوْ جَمِيعَ بَيْتِ الْمَطْبَخِ أَوْ جَمِيعَ بَيْتِ الْحَطَبِ أَوْ جَمِيعَ بَيْتِ الْخَلَاءِ أَوْ جَمِيعَ بَيْتِ الْحِسَابِ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مَعَ عُلْوِهِ يَكْتُبُ جَمِيعَ بَيْتِ كَذَا مَعَ عُلْوِهِ أَوْ يَكْتُبُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْعُلُوِّ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي مَوْضِعُهَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا فِي سِكَّةِ كَذَا وَيَكْتُبُ حُدُودَ الدَّارِ ثُمَّ يَكْتُبُ مَوْضِعَ هَذَا الْبَيْتِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَنَّهُ عَلَى يَمِينِ الدَّاخِلِ فِيهَا أَوْ عَلَى يَسَارِهِ أَوْ مُقَابِلَهُ كَمَا يَكُونُ وَهُوَ الْبَيْتُ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثُ مِنْ الْبُيُوتِ الْيَمِينِيَّةِ أَوْ الْيَسَارِيَّةِ وَيَكْتُبُ حُدُودَ هَذَا الْبَيْتِ ثُمَّ يَكْتُبُ بِحُدُودِهِ كُلِّهِ وَحُقُوقِهِ وَطَرِيقِهِ فِي سَاحَةِ الدَّارِ إلَى بَابِ الدَّارِ الْأَعْظَمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ عَرْضَ الطَّرِيقِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِقْدَارَ الْبَابِ الْأَعْظَمِ عِنْدَنَا إلَّا عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ هُوَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ فَكَانَ مَجْهُولًا فَيُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ فَيَذْكُرُ عَرْضَ الطَّرِيقِ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَى السُّفْلَ دُونَ عُلْوِهِ يَكْتُبُ وَهُوَ سُفْلٌ عُلْوُهُ لِفُلَانٍ الْبَائِعِ لَمْ يَدْخُلْ شَيْءٌ مِنْهُ فِي الْبَيْعِ ذَكَرَ قَوْلَهُ لَمْ يَدْخُلْ شَيْءٌ مِنْهُ فِي الْبَيْعِ مَعَ أَنَّ الْعُلُوَّ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْبَيْتِ إلَّا بِذِكْرِهِ صَرِيحًا إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ الْعُلُوَّ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْبَيْتِ كَمَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِقَطْعِ هَذَا الْوَهْمِ وَاَللَّهُ- تَعَالَى- أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قِطْعَةً مُقَدَّرَةً مِنْ الدَّارِ) يَكْتُبُ اشْتَرَى جَمِيعَ الْحِصَّةِ الْمُقَدَّرَةِ الْمَقْسُومَةِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ الدَّارِ وَيَحُدُّ الدَّارَ وَهَذِهِ هِيَ النِّصْفُ مِنْهَا وَهِيَ عَلَى يَمِينِ الدَّاخِلِ مِنْ بَابِ هَذِهِ الدَّارِ وَهِيَ كَذَا بَيْتًا وَصُفَّةً وَقِطْعَةً مِنْ صَحْنِ هَذِهِ الدَّارِ وَهِيَ كَذَا ذِرَاعًا بِالْمِسَاحَةِ طُولًا فِي عَرْضِ كَذَا وَيَشْتَمِلُ عَلَيْهَا حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا لَزِيقُ بَيْتٍ شَتْوِيٍّ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَالثَّانِي لَزِيقُ بَيْتٍ صَيْفِيٍّ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَكَذَا وَكَذَا (وَإِذَا اسْتَثْنَى بَيْتًا مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ) يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ إلَّا بَيْتًا وَاحِدًا مِنْهَا بِعُلُوِّهِ أَوْ مَا خَلَا بَيْتًا وَاحِدًا أَوْ غَيْرَ بَيْتٍ وَاحِدٍ وَهَذِهِ الدَّارُ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا، وَهَذَا الْبَيْتُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا فِي مَوْضِعِ كَذَا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَيَحُدُّهُ وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَى تَحْدِيدِ الْبَيْتِ الْمُسْتَثْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَبِيعًا؛ لِأَنَّ جَهَالَتَهُ تُوجِبُ جَهَالَةَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ الْمَبِيعُ فَاشْتَرَى هَذَا الْمُشْتَرِي الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ هَذَا الْبَائِعِ الْمُسَمَّى فِيهِ جَمِيعُ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا أَرْضِهَا وَبِنَائِهَا وَسُفْلِهَا وَعُلْوِهَا وَطُرُقِهَا وَكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا مِنْ حُقُوقِهَا وَكُلِّ دَاخِلٍ فِيهَا وَخَارِجٍ عَنْهَا مِنْ حُقُوقِهَا إلَّا هَذَا الْبَيْتَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ أَرْضِهِ وَبِنَائِهِ وَطَرِيقِهِ إلَى بَابِ الدَّارِ الْأَعْظَمِ إلَى آخِرِهِ بِكَذَا.
كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنَّمَا يَذْكُرُ طَرِيقَ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ بِدُونِهِ لَا يَتَمَكَّنُ الْبَائِعُ مِنْ التَّطَرُّقِ إلَى الْبَيْتِ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ وَذَلِكَ فِي غَيْرِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ فَيُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ كَمَا إذَا بَاعَ الْجِذْعَ فِي السَّقْفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَعِنْدَ ذِكْرِ الرُّؤْيَةِ يَكْتُبُ وَقَدْ رَأَى.
الْمُشْتَرِي هَذَا الْبَيْتَ الْمُسْتَثْنَى وَعَرَفَهُ لَا بُدَّ مِنْ كِتَابَةِ ذَلِكَ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْأَصْلِ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الْمُسْتَثْنَى لِيَنْتَفِيَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلِيَجُوزَ الْبَيْعُ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ، وَالْبُيُوتُ فِي نَفْسِهَا مُتَفَاوِتَةٌ فِي الِانْتِفَاعِ فَبِدُونِ رُؤْيَةِ الْمُسْتَثْنَى لَا يَصِيرُ الْمُسْتَثْنَى مَعْلُومًا وَمَعَ جَهَالَةِ الْمُسْتَثْنَى لَا يَصِيرُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا وَيُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمُسْتَثْنَى لِهَذَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ خَصَائِصِ شُرُوطِ الْأَصْلِ فَإِنَّ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمَبِيعِ لَا غَيْرُ، وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ يَكْتُبُونَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا بِكَذَا عَلَى أَنَّ لِلْبَائِعِ بَيْتًا وَاحِدًا مِنْهَا وَأَنَّهُ خَطَأٌ؛ لِأَنَّ بَيْعَ جَمِيعِ الدَّارِ عَلَى أَنَّ لِلْبَائِعِ بَيْتًا مِنْهَا فَاسِدٌ لِجَهَالَةِ ثَمَنِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا مَا سِوَى الْبَيْتِ مِنْ الدَّارِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ لَوْ قُسِمَ الثَّمَنُ عَلَى الدَّارِ سِوَى الْبَيْتِ وَعَلَى الْبَيْتِ بِخِلَافِ بَيْعِ جَمِيعِ الدَّارِ إلَّا بَيْتًا مِنْهَا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا مَا سِوَى الْبَيْتِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَأَنَّهُ جَائِزٌ.
وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى غَرْفَةً فَهُوَ عَلَى هَذَا يَحُدُّ الْغَرْفَةَ إنْ كَانَ مَعَهَا غَرْفَةٌ أُخْرَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا غَرْفَةٌ أُخْرَى يَحُدُّ الْبَيْتَ الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ نَصِيبًا فِي دَارِ غَيْرِ مَقْسُومَةٍ) يَكْتُبُ هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ سَهْمٍ وَاحِدٍ مِنْ سَهْمَيْنِ وَهُوَ النِّصْفُ مَشَاعًا مِنْ كَذَا أَوْ جَمِيعَ سَهْمٍ وَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ وَهُوَ الثُّلُثُ مَشَاعًا مِنْ كَذَا أَوْ جَمِيعَ سَهْمٍ وَاحِدٍ مِنْ أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ وَهُوَ الرُّبْعُ مَشَاعًا مِنْ كَذَا يَكْتُبُ حُدُودَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ النَّصِيبُ الْمَبِيعُ وَلَا يَكْتُبُ حُدُودَ النَّصِيبِ الْمَبِيعِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَنْزِلًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّارِ أَوْ شَيْئًا مُعَيَّنًا مِنْ ضَيْعَةٍ فَإِنَّ هُنَاكَ يَكْتُبُ حُدُودَ الْمَنْزِلِ الْمَبِيعِ كَمَا يَكْتُبُ حُدُودَ الدَّارِ الَّتِي فِيهَا الْمَنْزِلُ الْمَبِيعُ وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْمَنْزِلَ مَكَانٌ مَعْلُومٌ مُعَايَنٌ مِنْ الدَّارِ فَيَكُونُ لَهُ حُدُودٌ مَعْلُومَةٌ كَمَا لِلدَّارِ فَأَمَّا النَّصِيبُ الشَّائِعُ فِي الدَّارِ فَغَيْرُ مُعَايَنٌ فَلَا يَكُونُ لَهُ حَدٌّ مَعْلُومٌ؛ وَلِأَنَّ تَحْدِيدَ الدَّارِ يَكُونُ تَحْدِيدًا لِلنَّصِيبِ؛ لِأَنَّ النَّصِيبَ شَائِعٌ فِي جَمِيعِ الدَّارِ فَيَقَعُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ تَحْدِيدِ النَّصِيبِ الْمَبِيعِ فَأَمَّا الْمَنْزِلُ فَغَيْرُ شَائِعٍ فِي الدَّارِ فَتَحْدِيدُ الدَّارِ لَا يَكُونُ تَحْدِيدًا لِلْمَنْزِلِ وَإِذَا انْتَهَى إلَى قَبْضِ الْمَبِيعِ يَكْتُبُ: وَقَبَضَ جَمِيعَ الدَّارِ؛ لِأَنَّ النَّصِيبَ شَائِعٌ فِي جَمِيعِ الدَّارِ فَلَا يُمْكِنُ قَبْضُهُ إلَّا بِقَبْضِ جَمِيعِ الدَّارِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَنْزِلًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّارِ فَإِنَّ هُنَاكَ يَكْتُبُ: وَقَبَضَ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ مَكَانٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الدَّارِ فَيُمْكِنُ قَبْضُهُ بِدُونِ قَبْضِ الدَّارِ.
وَبَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- قَالُوا يَكْتُبُ: قَبَضَ النَّصِيبَ، أَوْ يَكْتُبُ: قَبَضَ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ سَهْمٌ مِنْ سَهْمَيْنِ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يُوجِبُ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ لَا تَسْلِيمَ غَيْرِ الْمَبِيعِ وَقَبْضُ النِّصْفِ شَائِعًا مُتَصَوَّرٌ أَلَا يُرَى أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ غَصْبُ الشَّائِعِ فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ إذَا غَصَبَ رَجُلَانِ كَذَا وَالرَّجُلَانِ إذَا غَصَبَا شَيْئًا يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَاصِبًا نِصْفًا شَائِعًا فَعُلِمَ أَنَّ قَبْضَ الشَّائِعِ مُتَصَوَّرٌ فَيَكْتُبُ: قَبَضَهُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَإِذَا انْتَهَى إلَى رُؤْيَةِ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَكْتُبُ رُؤْيَةَ جَمِيعِ الدَّارِ وَفِيمَا إذَا اشْتَرَى مَنْزِلًا مُعَيَّنًا مِنْ دَارٍ يَكْتُبُ رُؤْيَةَ الْمَنْزِلِ وَحَدَّهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ مَكَانٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الدَّارِ يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ أَمَّا النَّصِيبُ شَائِعًا فِي جَمِيعِ الدَّارِ فَلَا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ إلَّا بِرُؤْيَةِ جَمِيعِ الدَّارِ هَذَا إذَا كَانَ كُلُّ الْمَحْدُودِ مِلْكَ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ مِلْكُهُ قَدْرَ مَا يَبِيعُهُ يَكْتُبُ: اشْتَرَى جَمِيعَ مَا ذَكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهُ جَمِيعُ مِلْكِهِ وَحَقِّهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ جَمِيعِ مَا بَيَّنَ حُدُودَهُ فِيهِ وَذَلِكَ سَهْمٌ وَاحِدٌ مِنْ سَهْمَيْنِ وَإِنَّمَا يَكْتُبُ جَمِيعَ مِلْكِهِ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ زُفَرَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَإِنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا بَاعَ سَهْمًا وَاحِدًا مِنْ سَهْمَيْنِ يَنْصَرِفُ الْبَيْعُ إلَى سَهْمٍ وَاحِدٍ مِنْ نَصِيبِ الْبَائِعِ وَنَصِيبِ شَرِيكِهِ فَيَصِيرُ بَائِعًا نِصْفَ نَصِيبِهِ فَيَكْتُبُ جَمِيعَ مِلْكِهِ وَحِصَّتِهِ لِيَصِيرَ بَائِعًا جَمِيعَ مِلْكِهِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَاَللَّهُ- تَعَالَى- أَعْلَمُ (وَإِنْ كَانَ النِّصْفُ الْبَاقِي لِهَذَا الْمُشْتَرِي) يَكْتُبُ وَكَانَ النِّصْفُ الْآخَرُ الْمَشَاعُ مِنْ هَذَا الْمَحْدُودِ لِهَذَا الْمُشْتَرِي بِشِرَاءٍ سَابِقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَصَارَ الْآنَ جَمِيعُ الْمَحْدُودِ مِلْكًا لَهُ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَى النِّصْفَ شَائِعًا وَاسْتَأْجَرَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ يَكْتُبُ صَكُّ شِرَاءِ النِّصْفِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَيَكْتُبُ قَبْلَ الْإِشْهَادِ:
وَأَقَرَّ هَذَا الْبَائِعُ إقْرَارًا غَيْرَ مَشْرُوطٍ فِي هَذَا الْبَيْعِ وَلَا مُلْحَقًا بِهِ أَنَّهُ آجَرَ مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي جَمِيعَ مَا بَقِيَ لَهُ وَهُوَ النِّصْفُ مَشَاعًا مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ بِحُدُودِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ عَقْدُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ كَذَا سَنَةً كَامِلَةً بِكَذَا دِرْهَمًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ بِوُجُوهِ مَنَافِعِهِ وَيَذْكُرُ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ وَالتَّصَرُّفَ وَضَمَانَ الدَّرْكِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ عُلْوُ بَيْتٍ لَيْسَ لَهُ سُفْلٌ) يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الْغُرْفَةِ الَّتِي عَلَى الْبَيْتِ الصَّيْفِيِّ أَوْ عَلَى الْبَيْتِ الشَّتْوِيِّ أَوْ كَذَا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ وَيَحُدُّ الدَّارَ.
ثُمَّ يُبَيِّنُ مَوْضِعَ الْبَيْتِ الَّذِي عَلَيْهِ الْعُلْوُ مِنْهَا وَيَحُدُّ ذَلِكَ الْبَيْتَ وَلَا يَحُدُّ الْعُلْوَ وَإِنَّمَا يَحُدُّ الْبَيْتَ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ قَرَارَ الْعُلُوِّ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْدِيدِهِ وَإِنَّمَا لَا يَحُدُّ الْعُلُوَّ؛ لِأَنَّ بِتَحْدِيدِ الْبَيْتِ يَقَعُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ تَحْدِيدِ الْعُلُوِّ فَاشْتَرَى جَمِيعَ هَذَا الْعُلُوَّ أَوْ هَذِهِ الْغَرْفَةَ الَّتِي هِيَ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ الْمَحْدُودِ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ بِبِنَاءِ ذَلِكَ كُلِّهِ دُونَ سُفْلِ هَذِهِ الْغُرْفَةِ فَإِنَّ سُفْلَ هَذِهِ الْغَرْفَةِ لَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا الْبَيْعِ، وَطَرِيقُ هَذِهِ الْغَرْفَةِ عَلَى السُّلَّمِ الطِّينِيِّ أَوْ الْخَشَبِيِّ الرُّومِيِّ الَّذِي هُوَ عَنْ يَمِينِ الدَّاخِلِ فِي سَاحَةِ هَذِهِ الدَّارِ وَيَكْتُبُ فِي دِهْلِيزِ هَذِهِ الدَّارِ كَمَا يَكُونُ فِي بَابِ هَذِهِ الدَّارِ الْأَعْظَمِ فِي دَاخِلِ ذَلِكَ وَخَارِجِهِ فَإِنْ كَانَ حَوْلَ هَذِهِ الْغُرْفَةِ غُرَفٌ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ حُدُودَهَا أَوْ يَكْتُبَ: أَحَدُ حُدُودِ هَذِهِ الْغُرْفَةِ غُرْفَةُ فُلَانٍ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ.
وَالرَّابِعُ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي شُرُوطِ الْأَصْلِ قَدْرَ ذُرْعَانِ الْبَيْتِ الَّذِي عَلَيْهِ الْغُرْفَةُ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- ذَلِكَ فِي شُرُوطِهِ وَالْخَصَّافُ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَانَ يَشْتَرِطُ قَدْرَ ذُرْعَانِ الْبَيْتِ الَّذِي عَلَيْهِ الْعُلُوُّ طُولًا وَعَرْضًا وَسُمْكًا، وَهَكَذَا حُكِيَ عَنْ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- حَتَّى لَا يَقَعَ بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ مَتَى انْهَدَمَ السُّفْلُ فِي مِقْدَارِ حَقِّهِ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذُرْعَانِ الْعُلُوِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعُلُوَّ قَدْ يَكُونُ بِمِقْدَارِ السُّفْلِ وَقَدْ يَكُونُ أَنْقَصَ مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَتَنَازَعَا إذَا انْهَدَمَ الْعُلْوُ وَأَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ ثَانِيًا قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْأَصْلِ ثُمَّ يَكْتُبُ بِحُدُودِهَا كُلِّهَا، وَبَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ عَابُوا عَلَى مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَقَالُوا لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ بِحُدُودِهِ إذْ لَيْسَ لِلْعُلُوِّ حَدٌّ وَلَكِنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ فَلِلْعُلُوِّ حَدٌّ كَمَا أَنَّ لِلسُّفْلِ حَدًّا؛ لِأَنَّ الْحَدَّ هُوَ النِّهَايَةُ وَلِلْعُلُوِّ نِهَايَةٌ كَمَا أَنَّ لِلسُّفْلِ نِهَايَةً إلَّا أَنَّ بِتَحْدِيدِ السُّفْلِ يَصِيرُ الْعُلْوُ مَعْلُومًا فَيَقَعُ الِاسْتِغْنَاءُ بِهِ عَنْ تَحْدِيدِ الْعُلْوِ وَيَصِيرُ تَحْدِيدُ السُّفْلِ تَحْدِيدًا لِلْعُلُوِّ لَا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعُلُوِّ حَدٌّ.
ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَكْتُبُ أَرْضَهَا فَيَكْتُبُ بِبِنَائِهَا وَأَرْضِهَا وَكَانَ الْخَصَّافُ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَكْتُبُ ذَلِكَ وَكَانَ يَقُولُ لَا أَرْضَ لِلْعُلُوِّ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْهَوَاءِ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ انْهَدَمَ الْعُلْوُ قَبْلَ الْقَبْضِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَأَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ سَاحَةَ الْعُلْوِ بَعْدَ انْهِدَامِ الْعُلْوِ لَا يَجُوزُ فَلَا فَائِدَةَ فِي كِتَابَةِ أَرْضِهِ وَلَا أَرْضَ لَهُ وَلَكِنَّا نَقُولُ أَرْضُ الشَّيْءِ مَا كَانَ قَرَارُ ذَلِكَ الشَّيْءِ عَلَيْهِ وَقَرَارُ الْعُلْوِ عَلَى السُّفْلِ فَكَانَ السُّفْلُ أَرْضًا لَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَجَازَ أَنْ يَكْتُبَ بِبِنَائِهِ وَأَرْضِهِ هَذَا إذَا كَانَ الْعُلْوُ كُلُّهُ عَلَى سُفْلِ الْبَائِعِ فَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْضُ الْعُلْوِ عَلَى سُفْلِ الْبَائِعِ وَبَعْضُهُ عَلَى سُفْلِ غَيْرِهِ يَكْتُبُ اشْتَرَى عُلُوًّا بَعْضَهُ عَلَى سُفْلِ الْبَائِعِ هَذَا وَبَعْضَهُ عَلَى سُفْلِ فُلَانٍ وَيَذْكُرُ مِقْدَارَ الْبِنَاءِ عَلَى سُفْلِ كُلِّ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ هَذَا الْعُلْوُ عَلَى بَيْتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ يَكْتُبُ اشْتَرَى الْعُلْوَ الَّذِي بَعْضُهُ عَلَى الْبَيْتِ الصَّيْفِيِّ وَبَعْضُهُ عَلَى الْبَيْتِ الشَّتْوِيِّ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ وَيَحُدُّ الْبَيْتَيْنِ وَيَذْكُرُ مِقْدَارَ الْبِنَاءِ عَلَى كُلِّ بَيْتٍ، وَاَللَّهُ- تَعَالَى- أَعْلَمُ.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ دَارًا لَهَا سَابَاطٌ) يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ وَجَمِيعَ سَابَاطِهِ الَّذِي أَحَدُ طَرَفَيْ خَشَبَتِهِ عَلَى حَائِطِ هَذِهِ الدَّارِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ عَلَى حَائِطِ دَارٍ أُخْرَى تُقَابِلُ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا عَقْدُ هَذَا الْبَيْعِ، وَهَذَا السَّابَاطُ طُولُهُ كَذَا ذِرَاعًا بِذِرَاعٍ يُمْسَحُ بِهِ الْأَرَاضِي فِي بَلْدَةِ كَذَا وَعَرْضُهُ كَذَا ذِرَاعًا وَارْتِفَاعُهُ مِنْ الْأَرْضِ كَذَا ذِرَاعًا وَفِيهِ مِنْ الْخَشَبِ كَذَا عَدَدًا بِحُدُودِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَحُقُوقِهِ وَمَرَافِقِهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ السَّابَاطُ وَحْدَهُ) يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ السَّابَاطِ الَّذِي أَطْرَافُ خَشَبِ أَحَدِ جَانِبَيْهِ عَلَى حَائِطِ دَارِ فُلَانٍ وَأَطْرَافُ خَشَبِ الْجَانِبِ الْآخَرِ عَلَى حَائِطِ دَارِ فُلَانٍ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَتَفْسِيرُهُ كَالْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ طَرَفَيْهِ عَلَى قَوَائِمَ مَنْصُوبَةٍ فِي السِّكَّةِ يُبَيِّنُ ذَلِكَ وَيُبَيِّنُ مِقْدَارَ السَّابَاطِ طُولًا وَعَرْضًا وَيُبَيِّنُ عَدَدَ الْخَشَبِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ عُلُوًّا دُونَ سُفْلِهِ أَوْ سُفْلًا دُونَ عُلُوِّهِ) يَكْتُبُ اشْتَرَى بَيْتَيْنِ مِنْ الدَّارِ الَّتِي هِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْبُيُوتِ وَيَذْكُرُ الْحُدُودَ الْأَرْبَعَةَ لِلدَّارِ ثُمَّ يَكْتُبُ: أَحَدُ الْبَيْتَيْنِ سُفْلٌ عُلُوُّهُ لِهَذَا الْبَائِعِ وَالْآخَرُ عُلُوٌّ سُفْلُهُ لِهَذَا الْبَائِعِ وَيَحُدُّ كُلَّ سُفْلٍ عَلَى حِدَةٍ كَمَا إذَا أَفْرَدَ بَيْعَ السُّفْلِ أَوْ الْعُلْوِ.
(إذَا كَانَتْ الدَّارُ مُشْتَمِلَةً عَلَى الْإِصْطَبْلِ وَالْمَتْبَنِ وَالْحَدِيقَةِ) يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْإِصْطَبْلِ وَالْمَتْبَنِ وَالْحَدِيقَةِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا فَإِنْ كَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى الْحَمَّامِ يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ وَعَلَى الْحَمَّامِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيُسَمِّي بَعْدَ تَسْمِيَةِ مَرَافِقِ الدَّارِ مَرَافِقَ الْحَمَّامِ وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى بَيْتِ الطِّحَانَةِ يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ وَعَلَى بَيْتِ الطِّحَانَةِ الدَّائِرَةِ عَلَى رَحًى وَاحِدَةٍ بِحَجَرَيْنِ أَوْ عَلَى رَحَيَيْنِ أَوْ عَلَى أَرْحَاءَ ثَلَاثَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَذْكُرُ بَعْدَ ذِكْرِ مَرَافِقِ الدَّارِ مَرَافِقَ بَيْتِ الطِّحَانَةِ وَإِنْ كَانَ لِطَحْنِ الْحُبُوبِ يَذْكُرُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ خِرَاسُ الدُّهْنِ يَذْكُرُ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ فِي الدَّارِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ حَائِطًا وَاحِدًا فِي الدَّارِ) يَجِبْ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ شِرَاءَ الْحَائِطِ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ (أَحَدُهَا) أَنْ يَشْتَرِيَ الْحَائِطَ مَعَ أَرْضِهِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَكْتُبُ: اشْتَرَى جَمِيعَ الْحَائِطِ الْمَبْنِيِّ مِنْ كَذَا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّ الدَّارَ ثُمَّ يَكْتُبُ: وَهَذَا الْحَائِطُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَهُوَ لَزِيقُ دَارِ فُلَانٍ وَطُولُ هَذَا الْحَائِطِ كَذَا ذِرَاعًا وَعَرْضُهُ كَذَا ذِرَاعًا وَارْتِفَاعُهُ فِي الْهَوَاءِ كَذَا وَمَبْدَؤُهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَمُنْتَهَاهُ إلَى كَذَا اشْتَرَى الْحَائِطَ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ وَأَرْضِهِ وَبِنَائِهِ وَكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ إلَى آخِرِهِ، وَهَلْ يَكْتُبُ بِطَرِيقِهِ؟ قَالَ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إنْ كَانَ الْحَائِطُ مُلَازِقًا لِدَارِ الْمُشْتَرِي أَوْ مُتَّصِلًا بِالطَّرِيقِ الْعُظْمَى لَا يَذْكُرُهُ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الطَّرِيقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الطَّرِيقِ (الْوَجْهُ الثَّانِي) أَنْ يَشْتَرِيَ الْحَائِطَ بِدُونِ الْأَرْضِ عَلَى أَنْ يَنْقُلَهُ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَكْتُبُ كَمَا كَانَ يَكْتُبُ شِرَاءَ الْحَائِطِ بِأَرْضِهِ إلَّا أَنَّ فِي هَذَا الْوَجْهِ يَكْتُبُ مَا خَلَا أَرْضَ هَذَا الْحَائِطِ الْمَحْدُودِ فِيهِ فَإِنَّهَا وَلَا شَيْءَ مِنْهَا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْبَيْعِ وَلَا يَكْتُبُ بِطَرِيقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الطَّرِيقِ إلَيْهِ إذَا كَانَ يُنْقَلُ وَقَدْ كَانَ هَكَذَا يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ نَقْضِ الْحَائِطِ لِيَكُونَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ لِلْمُشْتَرِي نَقْضَهُ وَنَقْلَهُ.
وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقُولُ هَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ نَقْضِ الْحَائِطِ وَالْحَائِطُ غَيْرُ مَنْقُوضٍ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا مَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى دَقِيقَ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ دُهْنَ هَذَا السِّمْسِمِ وَلَكِنْ يَكْتُبُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهُ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَا (الْوَجْهُ الثَّالِثُ) أَنْ يَشْتَرِيَ الْحَائِطَ مُطْلَقًا وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ يُدْخِلُ مَا تَحْتَ الْحَائِطِ مِنْ الْأَرْضِ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْأَعْلَى، قَوْلُ الْخَصَّافِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَيَكْتُبُ الْحَائِطَ بِأَرْضِهِ وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ بِنَاءً دُونَ أَرْضٍ) كَتَبَ جَمِيعَ بِنَاءِ الدَّارِ وَيَحُدُّ الدَّارَ ثُمَّ يَقُولُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ بِنَاءِ هَذِهِ الدَّارِ وَالْبُيُوتِ وَالْأَبْوَابِ وَالسُّقُوفِ وَالْحِيطَانِ وَالرُّفُوفِ وَالْجُذُوعِ وَالْعَوَارِضِ وَالسِّهَامِ والبواري والهرادي وَجَمِيعَ مَا فِي هَذَا الْبِنَاءِ مِنْ اللَّبِنِ وَالْآجُرِّ وَالطِّينِ وَالتُّرَابِ مِنْ أَقْصَى أُسِّ هَذَا الْبِنَاءِ إلَى مُنْتَهَى سُمْكِهِ دُونَ أَرْضِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْأَرْضَ جَازَ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ لَا يَسْتَتْبِعُ الْأَرْضَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَكِنْ إنَّمَا يَكْتُبُ لِيَكُونَ أَوْثَقَ وَآكَدَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي هِيَ بِمَوْضِعِ كَذَا وَيَكْتُبُ بَعْدَ ذِكْرِ الْحُدُودِ فَاشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ فِيهِ بِبِنَائِهَا كُلَّهَا سُفْلَهَا وَعُلُوَّهَا دُونَ أَرْضِهَا فَإِنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي هَذَا الْبَيْعِ وَلَا يَكْتُبُ فِي هَذَا بِحُدُودِهَا ثُمَّ الْحَالُ لَا تَخْلُو، أَمَّا إنْ كَانَتْ أَرْضُ هَذِهِ الدَّارِ لِهَذَا الْمُشْتَرِي وَفِي يَدَيْهِ يَكْتُبُ فِي آخِرِهِ قَبْلَ ذِكْرِ الْإِشْهَادِ: وَأَقَرَّ هَذَا الْبَائِعُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي أَرْضِ هَذِهِ الدَّارِ وَأَنَّهَا بِجَمِيعِ حُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا فِي يَدِ هَذَا الْمُشْتَرِي دُونَهُ وَدُونَ سَائِرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَأَنَّ جَمِيعَ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا قَبْلَ هَذَا الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ فِيهِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ كُلُّهُ لِهَذَا الْمُشْتَرِي بِأَمْرِ حَقٍّ وَاجِبٍ لَازِمٍ عَرَّفْتُهُ لَهُ وَجَعَلَ إلَى هَذَا الْمُشْتَرِي جَمِيعَ مَا وَجَبَ وَيَجِبُ لَهُ مِنْ حَقٍّ فِي هَذِهِ الدَّارِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ أَقَامَهُ فِيهِ مَقَامَ نَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا فَسَخَ شَيْئًا مِمَّا جَعَلَهُ إلَى هَذَا الْمُشْتَرِي مِمَّا وُصِفَ فِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ إلَى فُلَانٍ الْمُشْتَرِي، هَذَا عِنْدَ فَسْخِهِ ذَلِكَ وَبَعْدَ فَسْخِهِ إيَّاهُ كَمَا كَانَ وَقَبِلَ هَذَا الْمُشْتَرِي جَمِيعَ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ وَجَمِيعَ مَا يَجْعَلُهُ إلَيْهِ مِمَّا ذُكِرَ فِيهِ مُشَافَهَةً مُوَاجَهَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ هَذِهِ الدَّارِ لِهَذَا الْمُشْتَرِي وَلَا فِي يَدِهِ وَإِنَّمَا هِيَ لِغَيْرِهِ وَقَدْ أَرَادَ بِشِرَائِهِ الْمُقَامَ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِأَرْضِ هَذِهِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَهَيَّأُ الْمُقَامُ فِيهِ إلَّا بِالسُّكْنَى فِي أَرْضِهِ وَطَرِيقِهِ.
أَمَّا الْإِعَارَةُ أَوْ الْإِجَارَةُ فَالْإِعَارَةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَكَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُخْرِجَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الدَّارِ سَاعَةً فَسَاعَةً فَلَا يَتِمُّ لَهُ الْمُرَادُ مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الْمُقَامِ فِيهَا مُدَّةً يُرِيدُهَا فَلَا يَخْلُو بَعْدَ ذَلِكَ أَمَّا إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِمَالِكٍ مَعْرُوفٍ أَوْ كَانَتْ أَرْضَ الْوَقْفِ وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ فِيهِمَا وَلَكِنْ إنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ الْمَالِكِ يَكْتُبُ ذِكْرَ الِاسْتِئْجَارِ مِنْ مَالِكِهَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَلَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى بَيَانِ أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ أَجْرُ مِثْلِهَا وَيَجُوزُ بِأَيِّ مُدَّةٍ شَاءَ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ الْمُتَوَلِّي بِأَنْ كَانَتْ أَرْضَ الْوَقْفِ يُبَيِّنُ فِيهَا أَنَّهَا وَقْفُ مَسْجِدِ كَذَا أَوْ عَلَى جِهَةِ كَذَا وَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ مِنْ مُتَوَلِّي ذَلِكَ الْوَقْفِ وَلَا يُطَوِّلُ مُدَّةَ إجَارَةِ الْأَوْقَافِ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ عِنْدَ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- وَيَكْتُبُ فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْأُجْرَةَ يَوْمَئِذٍ أَجْرُ مِثْلِ هَذِهِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَيَكْتُبُ ابْتِدَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَانْتِهَاءَهَا، هَذَا إذَا اشْتَرَى الْبِنَاءَ لِلْمُقَامِ فِيهِ فَأَمَّا إذَا اشْتَرَى لِلْهَدْمِ وَنَقْلِ نُقُوضِهِ يَكْتُبُ فِيهِ كَمَا كَانَ يَكْتُبُ فِي شِرَاءِ الْحَائِطِ لِهَدْمِهِ وَنَقْلِ نُقُوضِهِ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ طَرِيقًا فِي هَذِهِ الدَّارِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ) الْأَوَّلُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ بُقْعَةً مِنْ الدَّارِ بِعَيْنِهَا قَدْرَ عَرْضِ الْبَابِ الْأَعْظَمِ إلَى الْبَابِ الْأَعْظَمِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَكْتُبُ حُدُودَ الدَّارِ أَوَّلًا ثُمَّ يَكْتُبُ حُدُودَ تِلْكَ الْبُقْعَةِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَيْتًا مُعَيَّنًا مِنْ دَارٍ فَإِنْ ذَكَرَ ذُرْعَانَ الطَّرِيقِ طُولَهُ وَعَرْضَهُ فَهُوَ أَوْثَقُ، الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَشْتَرِيَ قَدْرَ الطَّرِيقِ شَائِعًا فِي جَمِيعِ سَاحَةِ الدَّارِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَكْتُبُ حُدُودَ الدَّارِ ثُمَّ يَكْتُبُ حُدُودَ سَاحَةِ الدَّارِ وَلَا حَاجَةَ إلَى كِتَابَةِ حُدُودِ الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَمَّا كَانَ شَائِعًا فِي سَاحَةِ الدَّارِ كَانَ كَالنَّصِيبِ الشَّائِعِ فِي سَاحَةِ الدَّارِ وَفِي النَّصِيبِ الشَّائِعِ مِنْ الدَّارِ يَحُدُّ الدَّارَ دُونَ النَّصِيبِ كَذَا هَاهُنَا وَإِنْ بَيَّنُوا مِقْدَارَ عَرْضِ الطَّرِيقِ فَهُوَ أَوْثَقُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنُوا كَانَ لِلْمُشْتَرِي قَدْرُ عَرْضِ بَابِ الدَّارِ الْأَعْظَمِ، وَبَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ لَمْ يُجَوِّزُوا تَرْكَ ذِكْرِ الذُّرْعَانِ فِي الطَّرِيقِ لِمَا أَنَّ فِي التَّقْدِيرِ بِبَابِ الدَّارِ نَوْعَ إبْهَامٍ؛ لِأَنَّهُ عَسَى يُبَدِّلُ الْبَابَ بِبَابٍ آخَرَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- جَوَّزَ ذَلِكَ، هَذَا إذَا اشْتَرَى رَقَبَةَ الطَّرِيقِ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى حَقَّ الْمُرُورِ دُونَ رَقَبَةِ الطَّرِيقِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَلَى رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ لَا يَجُوزُ، وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ يَجُوزُ.
وَإِذَا أَرَادَ كِتَابَةَ بَيْعِ حَقِّ الْمُرُورِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ ذَلِكَ يَكْتُبُ عَلَى أَنَّ لَهُ حَقَّ الْمُرُورِ بِقَدْرِ بَابِ الدَّارِ، وَبَيْعُ مَسِيلِ الْمَاءِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ، وَكَذَلِكَ بَيْعُ حَقِّ مَسِيلِ الْمَاءِ لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَفِي شُرُوطِ الْأَصْلِ إذَا بَاعَ رَقَبَةَ الدَّارِ لِيَسِيلَ الْمَاءُ فِيهِ إنْ بَيَّنَ الْمَوْضِعَ وَحُدُودَهُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ عَرْصَةَ دَارٍ بِنَاؤُهَا لِلْمُشْتَرِي) يَكْتُبُ: هَذَا مَا اشْتَرَى كَمَا كَانَ يَكْتُبُ اشْتَرَاهَا مَعَ الْبِنَاءِ إلَّا أَنَّ هَاهُنَا لَا يَكْتُبُ وَبِنَاؤُهَا؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي فَكَيْفَ يَشْتَرِي مِلْكَ نَفْسِهِ، هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْأَصْلِ وَبَعْضُ أَهْلِ الشُّرُوطِ قَالُوا الْأَحْسَنُ أَنْ يَكْتُبَ اشْتَرَى أَرْضَ دَارٍ وَبِنَاؤُهَا لِهَذَا الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ مُطْلَقًا يَنْصَرِفُ إلَى الْمَبْنِيِّ فِي الْعُرْفِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْكِتَابَةِ التَّوْثِيقُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ مِنْ الْأَلْفَاظِ أَبْلَغَ مَا يَحْصُلُ بِهِ تَعْرِيفُ الْمُشْتَرَى لِيَحْصُلَ بِهِ تَمَامُ التَّوْثِيقِ (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ نِصْفَ دَارٍ، وَنِصْفُهَا الْآخَرُ لِلْمُشْتَرِي) يَكْتُبُ: هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ السَّهْمِ الْوَاحِدِ مِنْ سَهْمَيْنِ وَهُوَ النِّصْفُ مَشَاعًا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الَّتِي ذَكَرَ الْبَائِعُ هَذَا أَنَّ سَهْمًا مِنْ هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ مِلْكُ الْمُشْتَرِي هَذَا وَالسَّهْمُ الْآخَرُ مِنْهَا وَاحِدٌ ذَكَرَ الْبَائِعُ هَذَا أَنَّهُ مِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدَيْهِ وَأَنَّهُ يَبِيعُ هَذَا السَّهْمَ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّهُ هُوَ يَمْلِكُهُ مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي وَمَوْضِعُ هَذِهِ الدَّارِ فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا وَلَا حَاجَةَ إلَى تَحْدِيدِ نِصْفِ الْمَبِيعِ فَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا أَنَّ تَحْدِيدَ النِّصْفِ الشَّائِعِ يَحْصُلُ بِتَحْدِيدِ الْجَمِيعِ، وَاَللَّهُ- تَعَالَى- أَعْلَمُ.
(شِرَاءُ وَارِثٍ نَصِيبَ أَخَوَيْنِ) يَكْتُبُ: هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ أَخِيهِ فُلَانٍ وَمِنْ أُخْتِهِ فُلَانَةَ وَهُمْ أَوْلَادُ فُلَانٍ وَمِنْ وَالِدَتِهِ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ جَمِيعَ حِصَصِهِمْ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا اشْتَرَى هَذَا الْمُشْتَرِي جَمِيعَ حِصَصِهِمْ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ وَهِيَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا مِنْ أَرْبَعِينَ سَهْمًا مُشَاعَةً مَوْرُوثَةً بَيْنَهُمْ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ حِينَ مَاتَ عَنْ زَوْجَتِهِ وَهِيَ فُلَانَةُ وَعَنْ بِنْتٍ وَهِيَ فُلَانَةُ وَعَنْ ابْنَيْنِ وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ هَذَا الْبَائِعُ وَهَذَا الْمُشْتَرِي وَصَارَتْ تَرِكَتُهُ بَيْنَهُمْ عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ لِامْرَأَتِهِ هَذِهِ الثُّمُنُ وَالْبَاقِي بَيْنَ أَوْلَادِهِ هَؤُلَاءِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَصْلُ الْفَرِيضَةِ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ وَقِسْمَتُهَا عَلَى أَرْبَعِينَ سَهْمًا لِلْمَرْأَةِ مِنْهَا خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَلِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَلِلِابْنَةِ سَبْعَةٌ وَهِيَ يَوْمَ هَذَا الْعَقْدِ فِي أَيْدِيهِمْ غَيْرُ مَقْسُومَةٍ عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ وَحِصَّةُ فُلَانٍ هَذَا الْمُشْتَرِي وَهِيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا مُسَلَّمَةٌ لَهُ فِي يَدِهِ لَا حَقَّ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ فِيهَا وَهَؤُلَاءِ الْبَاعَةُ الثَّلَاثَةُ يَبِيعُونَ حِصَصَهُمْ مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الثَّمَنُ بَيْنَهُمْ عَلَى سِهَامِهِمْ هَذِهِ فَاشْتَرَى هَذَا الْمُشْتَرِي حِصَصَهُمْ بِحُدُودِ هَذِهِ السِّهَامِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا إلَى آخِرِهِ..
شِرَاءُ الدَّارِ الْمَوْرُوثَةِ مِنْ الْوَرَثَةِ الْبَائِعِينَ يَكْتُبُ: هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانَةَ أَوْلَادِ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ الْفُلَانِيِّ وَمِنْ أُمِّهِمْ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ اشْتَرَى مِنْهُمْ جَمِيعًا صَفْقَةً وَاحِدَةً جَمِيعَ مَا ذَكَرَ هَؤُلَاءِ الْبَاعَةُ الْأَرْبَعَةُ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ شَرِكَةَ مِيرَاثٍ مِنْ فُلَانٍ حِينَ مَاتَ وَخَلَّفَ زَوْجَةً وَهِيَ فُلَانَةُ هَذِهِ وَابْنَيْنِ وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ هَذَانِ وَبِنْتًا وَهِيَ فُلَانَةُ هَذِهِ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُمْ وَخَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا وَصَارَتْ هَذِهِ الدَّارُ الْمَحْدُودَةُ الْمَوْرُوثَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ- تَعَالَى- لِامْرَأَتِهِ هَذِهِ الثُّمُنُ وَالْبَاقِي بَيْنَ أَوْلَادِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَصْلُ الْفَرِيضَةِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَقِسْمَتُهَا مِنْ أَرْبَعِينَ سَهْمًا لِلْمَرْأَةِ مِنْهَا خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَلِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَلِلِابْنَةِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ وَهَذِهِ الدَّارُ يَوْمَ هَذَا الْعَقْدِ فِي يَدِ هَؤُلَاءِ الْوَرَثَةِ عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ مُشَاعَةً غَيْرَ مَقْسُومَةٍ وَهُمْ يَبِيعُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي صَفْقَةً وَاحِدَةً بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ بَيْنَهُمْ عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ إلَى آخِرِهِ، وَاَللَّهُ- تَعَالَى- أَعْلَمُ..
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ حَانُوتًا) يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الْحَانُوتِ الَّذِي فِي كُورَةِ كَذَا بِمَحَلَّةِ كَذَا فِي زُقَاقِ كَذَا وَيَكْتُبُ فِي سُوقِ كَذَا أَوْ عَلَى رَأْسِ سِكَّةِ كَذَا قُبَالَةَ خَانِ كَذَا وَيَحُدُّهُ ثُمَّ يَقُولُ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ وَأَرْضِهِ وَبِنَائِهِ وَأَلْوَاحِهِ الَّتِي يُغْلَقُ عَلَيْهَا بَابُهُ وَغَلْقِهِ وَمُغْلَقِهِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ عُلُوٌّ يَكْتُبُ: وَعُلُوِّهِ وَسُفْلِهِ أَوْ الدَّارِ الَّتِي هِيَ عُلُوُّهُ فَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى نَهْرِ الْعَامَّةِ يَكْتُبُ جَمِيعَ الْحَانُوتِ الْمَبْنِيِّ عَلَى نَهْرِ الْعَامَّةِ الْمَدْعُوِّ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا، أَحَدُ حُدُودِهِ لَزِيقُ هَوَاءِ هَذَا النَّهْرِ مِنْ وَجْهِ مَجِيءِ الْمَاءِ وَالثَّانِي لَزِيقُ حَانُوتِ فُلَانٍ وَالثَّالِثُ لَزِيقُ هَوَاءِ هَذَا النَّهْرِ مِنْ وَجْهِ مَمَرِّ الْمَاءِ.
(وَإِذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ خَانًا) يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الْخَانِ الْمَبْنِيِّ بِحِيطَانِهِ الْأَرْبَعَةِ الْمُحِيطَةِ بِهِ كُلِّهَا بِالْآجُرَّاتِ وَأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى كَذَا عَدَدًا مِنْ الْحَوَانِيتِ فِي سُفْلِهِ وَكَذَا عَدَدًا مِنْ الإنيارجات وَالْحُجُرَاتِ وَالْغُرَفِ فِي عُلُوِّهِ وَالْحَوَانِيتِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى بَابِهِ بِعُلُوِّهَا ثُمَّ يَكْتُبُ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ وَأَرْضِهِ وَبِنَائِهِ وَدُوَيْرَاتِهِ وَغُرَفِهِ وَالْحَوَانِيتِ الَّتِي عَلَى بَابِهِ وَطُرُقِهِ بِمَسَالِكِهَا فِي حُقُوقِهَا إلَى آخِرِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَلْوَانَ أَحَدُهُمَا فَوْقَ الْآخَرِ يَكْتُبُ جَمِيعَ الْخَانِ الْمَبْنِيِّ بِثَلَاثَةِ سُقُوفٍ أَحَدُهَا بِسُفْلِهِ وَالْآخَرُ بِعُلُوِّهِ الْأَسْفَلِ وَالثَّالِثُ بِعُلُوِّهِ الْأَعْلَى ثُمَّ يُتِمُّ الْكِتَابَ.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ رِبَاطًا مَمْلُوكًا) يَكْتُبُ جَمِيعَ الرِّبَاطِ الْمَبْنِيِّ الْمُشْتَمِلِ عَلَى صَحْنِ دَارٍ كَبِيرٍ وَكَذَا عَدَدًا مِنْ الْمَرَابِطِ وَالْأَوَارِي فِي سُفْلِهِ وَبَيْتٍ يَسْكُنُهُ الرِّبَاطِيُّ وَكُلُّهَا حَوْلَ صَحْنِ دَارِهِ وَعَلَى حُجُرَاتٍ وَغُرُفَاتٍ فِي عُلُوِّهِ ثُمَّ يُتِمُّ الْكِتَابَ.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بُرْجَ الْحَمَامِ) يَكْتُبُ جَمِيعَ بُرْجِ الْحَمَامِ الْمَبْنِيِّ الْمَشْدُودِ فُوَّهَاتُهَا وَنُقُوبُهَا شَدًّا يُمْكِنُ أَخْذُ حَمَامِهَا بِغَيْرِ صَيْدٍ بِجَمِيعِ مَا فِيهِ مِنْ الْحَمَامَاتِ وَالْمَحَاضِنِ وَالْفِرَاخِ وَالْبَيْضِ وَالْهَرَادِيّ وَالْخَشَبَاتِ وَإِنَّمَا كَتَبْنَا شَدَّ فُوَّهَاتِهَا لِيُقْدَرَ عَلَى تَسْلِيمِ مَا فِيهَا مِنْ الْحَمَامَاتِ إلَى الْمُشْتَرِي حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُهَا فَإِنَّ بَيْعَ مَا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ لَا يَجُوزُ قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ بُرْجَ الْحَمَامِ لَيْلًا؛ لِأَنَّ الْحَمَامَاتِ يَأْوِينَ إلَيْهِ لَيْلًا وَيَجْتَمِعْنَ فَيَتَنَاوَلُهُنَّ الْبَيْعُ فَأَمَّا فِي النَّهَارِ فَيَخْرُجْنَ لِطَلَبِ الرِّزْقِ فَلَا يَتَنَاوَلُ جَمِيعَهُنَّ الْبَيْعُ وَيَخْتَلِطُ بِاعْتِبَارِهِ الْمَبِيعُ بِغَيْرِ الْمَبِيعِ اخْتِلَاطًا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ التَّمْيِيزُ.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بَيْتَ الدِّهَانَةِ) يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ بَيْتِ الدِّهَانَةِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى سِهَامٍ مَنْصُوبَةٍ وَأَحْجَارٍ وَأَقْفَاصٍ وَأَدَوَاتٍ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهُ ثُمَّ يَكْتُبُ حُدُودَهُ وَحُقُوقَهُ كُلَّهَا وَأَرْضَهُ وَبِنَاءَهُ وَسِهَامَهُ الْأَرْبَعَةَ وَالرَّحَى الْكَبِيرَةَ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى حَجَرٍ مَنْصُوبٍ يُدْعَى (سنك سع) وَالرَّحَى الْأُخْرَى الْمَدْعُوَّةَ (بسنك بشت) بِكَذَا قَبْضًا بِمَا فِيهِ مِنْ الصُّخُورِ وَالطَّابَقِ الْحَدِيدِيِّ الْمَنْصُوبِ عَلَى كَانُونٍ مَبْنِيٍّ فِيهِ يُغْلَى السِّمْسِمُ.
وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ طَاحُونَةً يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الطَّاحُونَةِ الدَّائِرَةِ عَلَى الرَّحَى الَّتِي هِيَ بِقَرْيَةِ كَذَا عَلَى نَهْرِ كَذَا وَيَحُدُّهَا ثُمَّ يَكْتُبُ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا وَأَرْضِهَا وَبِنَائِهَا وَحَجَرَيْهَا الْأَسْفَلِ وَالْأَعْلَى وَدَلْوِهَا وَتَوَابِيتِهَا وَقُطْبِهَا وَسَائِرِ أَدَوَاتِهَا الْحَدِيدِيَّةِ وَالْخَشَبِيَّةِ نَاوِقِهَا وَنَوَاعِيرِهَا بِأَجْنِحَتِهَا وَشُرْبِهَا بِمَجَارِيهِ وَمَسَايِلِهِ فِي حُقُوقِهَا وَأَلْوَاحِهَا الْمَفْرُوشَةِ فِي أَرْضِهَا وَمَلْقَى أَحْمَالِهَا وَمَوْقِفِ دَوَابِّهَا وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي يَبْقَى فِيهَا الْحُبُوبُ وَيُذَرَّى وَمَرْجِهَا بِأَرْضِهِ وَأَشْجَارِهِ وَأَغْرَاسِهِ وَمَجْرَى مِيَاهِهِ وَمَسَايِلِهِ فِي حُقُوقِهِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ يَنْظُرَانِ كَانَتْ الطَّاحُونَةُ عَلَى نَهْرِ الْعَامَّةِ يَكْتُبُ: أَحَدُ حُدُودِهَا لَزِيقُ مَغْرَفِ مَائِهَا مِنْ هَذَا النَّهْرِ وَالثَّانِي لَزِيقُ طَرِيقِ الْعَامَّةِ عَلَى شَطِّ نَهْرِ الطَّاحُونَةِ هَذِهِ وَالثَّالِثُ لَزِيقُ مَصَبِّ مَائِهَا فِي هَذَا النَّهْرِ وَالرَّابِعُ لَزِيقُ أَرَاضِي فُلَانٍ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى نَهْرٍ مَمْلُوكٍ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَيْعِ يَكْتُبُ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى نَهْرٍ خَاصٍّ لَهَا يَأْخُذُ مَاءَهُ مِنْ نَهْرِ كَذَا.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْحَمَّامَ) يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الْحَمَّامِ الْوَاحِدِ الَّذِي هُوَ مُعَدٌّ لِدُخُولِ الرِّجَالِ أَوْ لِدُخُولِ النِّسَاءِ وَفِي الْحَمَّامَيْنِ أَحَدُهُمَا لِدُخُولِ الرِّجَالِ وَالْآخَرُ لِدُخُولِ النِّسَاءِ يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الْحَمَّامَيْنِ الْمُتَلَازِقَيْنِ اللَّذَيْنِ أَحَدُهُمَا لِدُخُولِ الرِّجَالِ وَالْآخَرُ لِدُخُولِ النِّسَاءِ وَهُمَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَفِي الْوَاحِدِ الَّذِي يَدْخُلُهُ الرِّجَالُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَالنِّسَاءُ فِي بَقِيَّةِ النَّهَارِ يَذْكُرُ ذَلِكَ وَيَكْتُبُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى (سيا كوازه) خَشَبِيَّةٍ ذَاتِ سَقْفٍ وَاحِدٍ فِيهَا سَرِيرٌ خَشَبِيٌّ وَسَرِيرٌ آخَرُ لِجُلُوسِ الْحَمَّامِيِّ عَلَيْهِ وَبَيْتٌ يُدْعَى (خَاصّ خانه) لِدُخُولِ مَنْ كَانَ مُحْتَرَمًا مِنْ الْمُتَحَمِّمِينَ وَتَابُوتٌ خَشَبِيٌّ لِلْحَمَّامِيِّ لِجَمْعِ الْغَلَّةِ فِيهِ وَتَابُوتٌ آخَرُ لِلثِّيَابِيِّ لِوَضْعِ الْفِنْجَانَاتِ فِيهِ وَيَكْتُبُ فِيهِ ذِكْرَ الْحُدُودِ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ كُلِّهَا وَأَرْضِهِ وَبِنَائِهِ وَقِدَرِهِ النُّحَاسِيَّةِ الْمُرَكَّبَةِ فِيهِ لِتَسْخِينِ الْمَاءِ فِيهِ وَبِئْرِهِ الْمَطْوِيَّةِ بِالْحِجَارَةِ وَالْآجُرِّ وَبَكَرَتِهَا وَدَلْوِهَا وَرِشَائِهَا وَالْحِيَاضِ الْمَبْنِيَّةِ فِي بُيُوتِهِ أَوْ يَكْتُبُ: وَالْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةِ لِجَعْلِ الْمَاءِ فِيهَا وَأَتُونِهِ وَمَلْقَى رَمَادِهِ وَمَسِيلِ مِيَاهِهِ وَطَوَابِقِهِ الْمَفْرُوشَةِ فِيهِ وَمَوْضِعِ حَشِيشِهِ وَتَجْفِيفِهِ.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بَيْتَ الطِّحَانَةِ) يَكْتُبُ جَمِيعَ بَيْتِ الطِّحَانَةِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى رَحًى وَاحِدَةٍ دَوَّارَةٍ بِجَمِيعِ أَدَوَاتِ أَرْحَائِهَا الْمُرَكَّبَةِ مِنْ الْحَدِيدِيَّةِ وَالْخَشَبِيَّةِ وَالْحَجَرِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ الصَّالِحَةِ لِإِقَامَةِ عَمَلِ طَحْنِ الْحِوَارِيَّاتِ وَقَدْ عَرَفَ الْعَاقِدَانِ هَذَانِ هَذِهِ الْأَدَوَاتِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَأَحَاطَا بِهَا عِلْمًا إحَاطَةً شَافِيَةً نَافِيَةً لِلْجَهَالَةِ وَأَقَرَّا بِمَعْرِفَةِ جَمِيعِ ذَلِكَ كُلِّهِ إقْرَارًا صَحِيحًا.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بَيْتَ الخنبق) يَكْتُبُ: وَفِيهِ خنبق خَشَبِيٌّ أَوْ خنبقان أَوْ ثَلَاثَةٌ كُلُّ خنبق لَهُ عَيْنَانِ وَمَعَ الخنبقات خنبقات خَزَفِيَّةٌ وَيَكْتُبُ بَعْدَ ذِكْرِ الْحُدُودِ بخنبقاته: وخنبقاته الْخَزَفِيَّةِ الْكِبَارِ مِنْهَا كَذَا عَدَدًا وَالْأَوْسَاطِ كَذَا وَالصِّغَارِ كَذَا، كُلُّهَا قَائِمَةٌ بِأَعْيَانِهَا فِي بَيْتِ الخنبق هَذَا وَقَدْ عَرَفَهَا الْعَاقِدَانِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَأَحَاطَا بِهَا عِلْمًا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مُجَمِّدَةً) يَكْتُبُ: اشْتَرَى جَمِيعَ الْمُجَمِّدَةِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا بِجَمِيعِ مَا هُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهَا مِنْ الْغُدْرَانِ الثَّلَاثَةِ أَوْ الْغَدِيرَيْنِ أَوْ الْغَدِيرِ وَالْغَارِفَيْنِ وَهَذِهِ الْمُجَمِّدَةُ كَذَا ذِرَاعًا طُولًا فِي عَرْضٍ كَذَا ذِرَاعًا وَيَحُدُّ الْمُجَمِّدَةَ وَالْغَدَائِرَ وَالْغَارِفَيْنِ.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مُثَلِّجَةً) يَكْتُبُ: اشْتَرَى جَمِيعَ الْمُثَلِّجَةِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا بِجَمِيعِ مَا يُنْسَبُ إلَيْهَا مِنْ جَوَانِبِهَا الْأَرْبَعَةِ وَيَحُدُّهَا.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمَلَّاحَةَ) يَكْتُبُ اشْتَرَى جَمِيعَ الْمَلَّاحَةِ بِجَمِيعِ مَا يُنْسَبُ إلَيْهَا مِنْ الْحِيَاضِ وَمَجْمَعِ مَائِهَا وَمُسْتَجْمَعِ الْمِلْحِ فِيهَا وَنَحْوِهَا وَيَحُدُّهَا.
(وَإِذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَرْضًا فِيهَا عَيْنُ الْقِيرِ أَوْ النِّفْطِ) يَكْتُبُ: اشْتَرَى الْأَرْضَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا كَذَا وَالْعُيُونَ الَّتِي فِيهَا الْقِيرُ وَالنِّفْطُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ اشْتَرَى هَذِهِ الْأَرْضَ مَعَ هَذِهِ الْعُيُونِ الَّتِي فِيهَا الْقِيرُ الْقَائِمُ وَالنِّفْطُ الْقَائِمُ فِي هَذِهِ الْعُيُونِ وَإِنَّمَا كَتَبْنَا الْعُيُونَ؛ لِأَنَّ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَا يَدْخُلُ الْعَيْنُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا مِنْ حَيْثُ الزِّرَاعَةِ وَكَانَتْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ الْأَرْضِ فَيُكْتَبُ احْتِرَازًا عَنْ هَذَا الْخِلَافِ وَإِنَّمَا كَتَبْنَا الْقِيرَ الْقَائِمَ وَالنِّفْطَ الْقَائِمَ؛ لِأَنَّهُمَا مُودَعَانِ فِي الْعُيُونِ كَالْمِلْحِ فِي الْمَمْلَحَةِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَإِنَّمَا افْتَرَقَ الْمَاءُ الَّذِي فِي الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ، وَالْقِيرُ وَالنِّفْطُ فِي الْعَيْنِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَاءَ لَا يُذْكَرُ فِي الْبَيْعِ، وَالْقِيرُ وَالنِّفْطُ يُذْكَرَانِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ فِي الْبِئْرِ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ فَكَيْفَ يَبِيعُهُ وَلَا كَذَلِكَ الْقِيرُ وَالنِّفْطُ وَإِنْ كَانَ لِلْبِئْرِ أَوْ لِلْعَيْنِ اسْمٌ يَذْكُرُ ذَلِكَ الِاسْمَ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ حَدِّ النَّهْرِ وَالْعَيْنِ، وَاَللَّهُ- تَعَالَى- أَعْلَمُ.
(وَإِنْ بَاعَ أَصْلَ نَهْرٍ جَارٍ) يَكْتُبُ مَفْتَحَهُ وَمُنْتَهَاهُ وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَعُمْقَهُ وَيَذْكُرُ أَنَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِنْهُ كَذَا ذِرَاعًا وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ مُسَمًّى بِاسْمٍ يَكْتُبُ ذَلِكَ الِاسْمَ وَيَذْكُرُ حُدُودَهُ لَا مَحَالَةَ وَإِنْ اكْتَفَى بِذِكْرِ الْحُدُودِ فَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ تَقْدِيرِ الذُّرْعَانِ؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ قَدْ حَصَلَتْ بِالتَّحْدِيدِ وَهِيَ الْمَقْصُودُ (وَإِنْ اشْتَرَى النَّهْرَ مَعَ الْأَرْضِ) يَكْتُبُ النَّهْرَ وَيَذْكُرُ طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَعُمْقَهُ وَمَا يُسَمَّى بِهِ النَّهْرُ وَذُرْعَانَ حَرِيمِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ثُمَّ يَكْتُبُ الْأَرْضَ الَّتِي مَعَهُ وَيَحُدُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَمَامَ التَّعْرِيفِ بِالتَّحْدِيدِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَنَاةً) يَكْتُبُ اشْتَرَى جَمِيعَ الْقَنَاةِ الَّتِي هِيَ فِي قَرْيَةِ كَذَا وَمَفْتَحُهَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَمَصَبُّهَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَحَرِيمُهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَذَا ذِرَاعًا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا وَأَرْضِهَا وَبِنَائِهَا وَسُفْلِهَا وَعُلُوِّهَا وَكَذَا النَّهْرُ إلَّا أَنَّ النَّهْرَ لَا يَكُونُ لَهُ عُلُوٌّ وَلَكِنْ يَكْتُبُ فِي النَّهْرِ عَرْضَهُ وَطُولَهُ وَعُمْقَهُ بِالذُّرْعَانِ وَيَذْكُرُ حَرِيمَهُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِالذُّرْعَانِ أَيْضًا (إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ شِرْبًا بِغَيْرِ أَرْضٍ) وَبِغَيْرِ أَصْلِ النَّهْرِ فَهَذَا الْبَيْعُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الشِّرْبَ عِبَارَةٌ عَنْ نَصِيبِ الْمَاءِ وَحِصَّتِهِ وَالْمَاءُ قَبْلَ الْحِيَازَةِ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ وَبَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ لَا يَجُوزُ؛ وَلِأَنَّ الْمَاءَ مِمَّا يَقِلُّ وَيَكْثُرُ فَكَانَ الْمَبِيعُ مَجْهُولًا فَأَوْجَبَ فَسَادَ الْبَيْعِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- يَجُوزُ إنْ تَعَارَفُوا ذَلِكَ كَمَا فِي نَوَاحِي بَلْخٍ وَنَسَفَ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَإِنَّ أَهْلَ تِلْكَ النَّوَاحِي تَعَارَفُوا ذَلِكَ وَرَأَوْا جَوَازَهُ وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ} وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْخَضِرِ النَّسَفِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- لَمْ يُجَوِّزُوا ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ الصَّحِيحَ إنَّمَا يُتْرَكُ بِتَعَامُلِ جَمِيعِ الْبُلْدَانِ لَا بِتَعَامُلِ بَعْضِهَا.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ ضَيْعَةٍ وَجُزْءًا مِنْ مِيَاهِ قَرْيَةٍ تَعَارَفُوا بَيْعَ الْمِيَاهِ بِضِيَاعِهَا) يَكْتُبُ فِيهِ: اشْتَرَى جُزْءًا مِنْ كَذَا جُزْءٍ مِنْ مِيَاهِ قَرْيَةِ كَذَا، وَمِيَاهُهَا كُلُّهَا عَلَى كَذَا سَهْمًا وَهَذِهِ الْمِيَاهُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ عُيُونِهَا الَّتِي فِيهَا وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ أَهْلِهَا وَهِيَ مَقْسُومَةٌ بَيْنَهُمْ عَلَى ضِيَاعِهَا الْمَذْكُورَةِ فِيهِ قِسْمَةً مَعْلُومَةً عِنْدَ أَهْلِهَا لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ اشْتَرَى هَذَا الْجُزْءَ مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ مِنْ مَاءِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ بِحِصَّتِهَا مِنْ ضِيَاعِهَا الْمَذْكُورَةِ فِيهِ الَّتِي هِيَ لِشُرَكَاءِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ مَقْسُومَةً بَيْنَهُمْ بِمَقَادِيرَ مَعْلُومَةٍ عِنْدَهُمْ عَلَى ضِيَاعِهَا الْمَذْكُورَةِ فِيهِ قِسْمَةً مَعْلُومَةً الَّتِي هِيَ لِشُرَكَاءِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ بِحُدُودِهَا وَمَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ عُقْدَةُ هَذَا الْبَيْعِ وَحُقُوقِهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ (وَفِي بَعْضِ الْقُرَى عَلَى هَذَا النَّوْعِ) اشْتَرَى أَرْضَ كَذَا بِشِرْبِهَا مِنْ الْمَاءِ وَهُوَ كَذَا فنجانة أَوْ كَذَا يَوْمًا مِنْ كَذَا يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ جُمْلَةِ الْمَاءِ الْجَارِي فِي نَهْرِ قَرْيَةِ كَذَا مَاءً أَصْلِيًّا ثَابِتًا خَرَاجِيًّا دِيوَانِيًّا بِجَمِيعِ مَجَارِيهِ وَمَسَايِلِهِ وَحُقُوقِهِ الدَّاخِلَةِ فِيهِ وَالْخَارِجَةِ مِنْهُ مِنْ أَعْلَى عُيُونِ وَادِي كَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى أَقْصَى حُدُودِهَا عَلَى مَا يَتَعَارَفُهُ شَارِبُو هَذَا النَّهْرِ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنْ مَقَادِيرِ الْمَاءِ فِي شُرْبِهِمْ.
(وَفِي بَعْضِ الْقُرَى عَلَى هَذَا النَّوْعِ) اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَحِصَّتُهُ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا مِنْهُمْ مَاءً مَشَاعًا مِنْ جُمْلَةِ كَذَا سَهْمِ مَاءٍ الَّتِي هِيَ سِهَامُ مَاءِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ مَشَاعًا فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَمِقْدَارُ سِهَامِ مَاءِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ يُعْرَفُ بِكَذَا عَرَفَةِ، كُلُّ عَرَفَة كَذَا سَهْمًا وَجَمِيعُ هَذِهِ الضِّيَاعِ فِي مَوَاضِعَ مُتَبَايِنَةٍ مِنْ ذَلِكَ الْأَرْضِ الَّتِي عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ كَذَا وَمِنْهَا وَمِنْهَا وَمِنْهَا.
(وَفِي بَعْضِ قُرَى نَسَفَ) شِرَاءُ مَحْدُودَاتٍ مُفْرَزَةٍ وَمَحْدُودَاتٍ مُشَاعَةٍ بِسِهَامِ مَائِهَا وَيَكْتُبُ فِي ذَلِكَ: اشْتَرَى جَمِيعَ الضِّيَاعِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى حَوَائِطَ وَأَرَاضٍ بَعْضُهَا خَرَاجِيَّةٌ مُشَاعَةٌ وَبَعْضُهَا غَيْرُ خَرَاجِيٍّ مَقْسُومٌ بِقَرْيَةِ كَذَا مِنْ قُرَى نَسَفَ وَجَمِيعَ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ جَمِيعُ حِصَّتِهِ وَكَذَا سَهْمُ مَاءٍ مِنْ جُمْلَةِ سِهَامِ الْمَاءِ لِهَذِهِ الْقَرْيَةِ كُلُّ سَهْمٍ مِنْهَا يُعْرَفُ مِقْدَارُهُ بِعِشْرِينَ جَرِيبًا بِالْمَسَّاحَةِ مِنْهَا كَذَا سَهْمًا مِنْ جَمَاعَةِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ مُشَاعَةً بَيْنَ أَرْبَابِهَا عَلَى أَقْسَامٍ تُدْعَى أَقْرِحَتَهَا وَهِيَ كَذَا قَرَاحًا كُلُّ قَرَاحٍ عَلَى كَذَا سَهْمًا وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بَيْنَ أَهْلِهَا كَذَا سَهْمًا فِي أَقْرِحَةِ فُلَانٍ وَكَذَا سَهْمًا فِي أَقْرِحَةِ فُلَانٍ تُوَزَّعُ الْأَخْرِجَةُ وَنَوَائِبُ السُّلْطَانِ عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ وَيُقْسَمُ مَاءُ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الَّتِي يَجْرِي فِي نَهْرِهَا مِنْ أَصْلِ الْوَادِي عَلَيْهَا وَأَمَّا غَيْرُ الْخَرَاجِيَّةِ الْمَقْسُومَةِ فَحَائِطٌ بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا وَأَرْضٌ وَكَرْمٌ وَيَحُدُّهَا وَشِرْبُهَا مِنْ نَهْرِ كَذَا.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ حَانُوتًا تَحْتَهُ بَيْتٌ لِلْمُقَامِ فِيهِ أَوْ سَرِيرٌ تَحْتَهُ أَوْ تَحْتَ فِنَائِهِ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْحَانُوتِ) يَكْتُبُ فِيهِ جَمِيعَ الْحَانُوتِ الْمَبْنِيِّ وَالْبَيْتَ الَّذِي تَحْتَهُ أَوْ تَحْتَ فِنَائِهِ أَوْ السَّرِيرَ الَّذِي تَحْتَهُ أَوْ تَحْتَ فِنَائِهِ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ التَّاجِرُ لِتِجَارَتِهِ وَيَنْتَهِي طُولُ هَذَا السَّرِيرِ إلَى مُنْتَهَى طُولِ سُفْلِ هَذَا الْحَانُوتِ ثُمَّ يَذْكُرُ الْمَوْضِعَ وَالْحُدُودَ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بَيْتَ طِرَازٍ) يَكْتُبُ فِيهِ جَمِيعَ بَيْتِ الطِّرَازِ الْمَبْنِيِّ الْمُشْتَمِلِ عَلَى كَذَا وَهْدَةٍ لِعَمَلِ الْحَوَكَةِ أَوْ يَكْتُبُ فِيهِ جَمِيعَ الْمَحَاكَةِ الْمَبْنِيَّةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى كَذَا وَهْدَةٍ لِعَمَلِ الْحَوَكَةِ ثُمَّ يَذْكُرُ الْمَوْضِعَ وَالْحُدُودَ وَإِذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَهْدَةً وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً يَكْتُبُ فِيهِ جَمِيعَ الْوَهْدَةِ الْوَاحِدَةِ الْيَمِينِيَّةِ أَوْ الْيَسَارِيَّةِ أَوْ الْأَمَامِيَّةِ مِنْ جَمِيعِ بَيْتِ الطِّرَازِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى كَذَا وَهْدَةٍ إحْدَاهَا هَذَا الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا وَيَذْكُرُ مَوْضِعَ بَيْتِ الطِّرَازِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى كَذَا وَحُدُودَهُ ثُمَّ يَذْكُرُ حُدُودَ هَذِهِ الْوَهْدَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا اشْتَرَى ضَيْعَةً أَوْ قَرْيَةً وَتَرَكَ ذِكْرَ الْحَقِّ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالنَّخْلُ وَالشَّجَرُ كُلُّهُ مِثْلُ الْكَرْمِ وَشَجَرَةِ التُّفَّاحِ وَالسَّفَرْجَلِ وَأَنْوَاعِهَا وَالْقَصَبِ وَالْحَطَبِ وَالطَّرْفَاءِ إلَّا رِوَايَةً رَوَاهَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ وَقَصَبِ السُّكَّرِ وَقَصَبِ الذَّرِيرَةِ لَا تَدْخُلُ بِالِاتِّفَاقِ وَقَصَبُ الذَّرِيرَةِ مَا يُدَقُّ وَيُذَرُّ عَلَى الْمَيِّتِ أَيْ يُنْثَرُ وَمَا كَانَ مِنْ الْأَشْجَارِ الَّتِي لَا تُثْمِرُ وَتُقْطَعُ فِي كُلِّ أَوَانٍ كَالدُّلْبِ وَالْجَوْزِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لَا تَدْخُلُ إلَّا بِالذِّكْرِ كَالزَّرْعِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ تَدْخُلُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالدُّلْبُ (جنار) وَالْجَوْزُ (سبيدار) وَأَمَّا الْبَاذِنْجَانُ فَشَجَرُهُ لِلْمُشْتَرِي وَحِمْلُهُ لِلْبَائِعِ، وَكَذَلِكَ الْقُطْنُ وَالْعُصْفُرُ فَإِنَّ شَجَرَهُ يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ بِدُونِ ذِكْرِ الْحُقُوقِ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ الرِّيعِ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا يُؤْخَذُ حِمْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقْطَعَ أَصْلُهُ وَالثِّمَارُ الَّتِي عَلَى الْأَشْجَارِ لَا تَدْخُلُ بِدُونِ ذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ وَعِنْدَ ذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ تَدْخُلُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا تَدْخُلُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهَا أَوْ بِذِكْرِ كُلِّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ هُوَ فِيهَا أَوْ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ مِنْ حُقُوقِهَا وَالرُّطَبَةُ وَمَا نَبَتَ وَصَارَ لَهُ ثَمَرٌ لِلْبَائِعِ وَأُصُولُهَا لِلْمُشْتَرِي قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا زَعْفَرَانٌ فَالْبَصَلُ لِلْبَائِعِ وَعَلَى هَذَا الْكَتَّانُ وَالدُّخْنُ وَجَمِيعُ الْحُبُوبِ مِثْلُ الْحِمَّصِ وَالْبَاقِلَاءِ وَالْعَدَسِ هَذَا كُلُّهُ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ.
(وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَيْطُونًا) زِدْتَ بخنبقاته الْعَشْرِ وَحِبَابِهِ وَهِيَ كَذَا عَدَدًا الْكِبَارُ مِنْهَا كَذَا وَالْأَوْسَاطُ مِنْهَا كَذَا وَالصِّغَارُ مِنْهَا كَذَا وَهِيَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا فِي بُيُوتِ إهْرَائِهَا، وَجَمِيعُ مَا فِيهَا مِنْ الْحُبُوبِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ إنْ كَانَتْ دَاخِلَةً تَحْتَ الْعَقْدِ بِذِكْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إيَّاهَا فِي الْعَقْدِ وَالْإِهْرَاءُ الخنبقات وَيُقَالُ الْبَيْتُ الْوَاسِعُ وَيُقَالُ (أنبارخانه) وَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ لَكِنْ هَكَذَا سَمِعْتُهَا مِمَّنْ قَرَأْتُ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ كَرْمًا أَوْ بُسْتَانًا) زِدْتَ عِنْدَ ذِكْرِ حُقُوقِهَا: وَأَشْجَارَهَا وَأَغْرَاسَهَا وَزَرَاجِينَهَا وَقُضْبَانَهَا وَعَرَائِشَهَا وَأَوْهَاطَهَا وَشِرْبَهَا وَمَشَارِبَهَا وَسَوَاقِيَهَا وَأَعْمِدَتَهَا وَدَعَائِمَهَا وَأَنْهَارَهَا والأوهاط واديح وَأَعْمِدَتُهَا أَوْتَادُهَا وَدَعَائِمُهَا مَا يُنْصَبُ عَلَيْهَا الْعَرَائِشُ وَالْعَرِيشُ وَالْوَثِيلَةُ الْحَبْلُ الْمُتَّخَذُ مِنْ الْقَصَبِ.
(وَإِنْ كَانَ الْبُسْتَانُ فِي حَائِطِ الْبَلَدِ) كَتَبْتَ فِي حَائِطِ بَلَدِ كَذَا مِمَّا يَلِي دَرْبَ كَذَا عَلَى سَاقِيَةِ نَهْرِ كَذَا (وَإِنْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ) كَتَبْتَ فِي قَرْيَةِ كَذَا مِنْ سَوَادِ كَذَا.
(وَإِنْ كَانَ فِيهِ ثَمَرَةٌ أَوْ زَرْعٌ أَوْ رُطَبَةٌ) كَتَبْتَ: وَثَمَرَتَهَا وَزَرْعَهَا وَرُطَبَتَهَا وَيَزِيدُ عِنْدَ ذِكْرِ ثَمَرَتِهَا وَقَدْ بَدَا صَلَاحُهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ مَحْصُودٌ أَوْ ثَمَرٌ مَجْذُوذٌ أَوْ تِبْنٌ أَوْ حَطَبٌ قَدْ دَخَلَ تَحْتَ الْبَيْعِ ذَكَرِ ذَلِكَ وَيَذْكُرُ مَعْرِفَةَ الْعَاقِدَيْنِ جَمِيعَ ذَلِكَ (وَأَمَّا كِرْدَارُ الْكَرْمِ) فَقَصْرٌ بِدَارِهِ وَبُيُوتِهِ، عُلُوُّهُ وَسُفْلُهُ وَأَرْبَعَةُ حَوَائِطَ الْكَرْمُ مِنْ أَسْفَلِهَا إلَى أَعْلَاهَا بِشَوْكِهَا وَكَذَا عَدَدُ زرجون وَجَمِيعُ الْعَرِيشِ وَجَمِيعُ الْوَهْطِ عَلَى شَطِّ الْحَوْضِ أَوْ أَمَامَ الْقَصْرِ وَكَذَا كَذَا شَجَرُ رُمَّانٍ وَتِينٍ وَخَوْخٍ وَمِشْمِشٍ وَفِرْسِكٍ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ (شفترنك) وَعَلَى هَذَا جَمِيعُ السَّاقِ بَيْنَ الشَّجَرِ والزرجون (وَأَمَّا كِرْدَارُ الْأَرْضِ) فَخَمْسُونَ جَدْوَلًا وَعَشْرُ مُسِنَّاتٍ وَكَذَا وَقْرُ سِرْقِينَ مُخْتَلِطٌ بِالتُّرَابِ عَلَى رَأْسِ هَذِهِ الْأَرْضِ وَجَمِيعُ الْأَشْجَارِ حَوْلَهَا وَعَلَى مِسَنَّاتِهَا وَجَمِيعُ مَا كَبَسَ بِهِ الْأَرْضَ مِقْدَارُ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ عَلَى حَسَبِ مَا يَكُونُ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَيَجِبُ أَنْ يُلْحِقَ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَقَدْ عَرَفَا مَوَاضِعَهَا وَمَقَادِيرَهَا وَنَظَرَا إلَيْهَا فَعَرَفَاهَا شَيْئًا فَشَيْئًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(وَإِذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَنَاةً عَلَيْهَا رَحًى فِي بَيْتٍ) ذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَكْتُبُ فِيهِ: هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ الْقَنَاةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا كَذَا وَهِيَ فِي رُسْتَاقِ كَذَا مِنْ عَمَلِ كَذَا وَفِي قَرْيَةِ كَذَا، وَالْبَيْتُ الَّذِي عَلَى هَذِهِ الْقَنَاةِ مِمَّا يَلِي كَذَا وَالرَّحَى الَّتِي فِيهِ وَمَفْتَحُ هَذِهِ الْقَنَاةِ مِمَّا يَلِي كَذَا وَمَصَبُّهَا فِي كَذَا وَيُبَيِّنُ طُولَهَا وَعَرْضَهَا وَعُمْقَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْأَرْضَ الَّتِي عَلَى حَافَّتَيْ الْقَنَاةِ، وَكَتَبَ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- ذَلِكَ أَنَّهَا كَذَا ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ بِذِرَاعِ كَذَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ كَذَا ذِرَاعًا وَمِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ كَذَا ذِرَاعًا وَعَرْضُهَا كَذَا ذِرَاعًا وَعُمْقُهَا كَذَا ذِرَاعًا بِذِرَاعٍ وَسَطٍ وَقَدْ ذَرَعَ فُلَانٌ بِتَرَاضِيهِمَا وَكَانَ كَمَا وَصَفَا وَعَلِمَا ذَلِكَ وَأَحَاطَا بِهِ عِلْمًا وَمَعْرِفَةً وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقُولُ يَكْتُبُ: اشْتَرَى جَمِيعَ هَذِهِ الْقَنَاةِ بِحَرِيمِهَا وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَمَا كَتَبْنَاهُ أَحْوَطُ؛ لِأَنَّ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ اخْتِلَافًا فِيهِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَيْسَ لِلْقَنَاةِ حَرِيمٌ.
وَعَلَى قَوْلِهِمَا لِلْقَنَاةِ حَرِيمٌ بِمِقْدَارِ مَلْقَى طِينِهَا فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا؛ فَلِأَنَّ مِقْدَارَ مَلْقَى طِينِهَا مَجْهُولٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةِ فَيَصِيرُ بَائِعًا الْمَعْلُومَ وَالْمَجْهُولَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَلِأَنَّ مَنْ جَعَلَ لِلْقَنَاةِ حَرِيمًا فَإِنَّمَا يَجْعَلُ لَهَا حَرِيمًا إذَا كَانَتْ فِي أَرْضِ الْمَوَاتِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِلْغَيْرِ فَلَا.
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَنَاةِ حَرِيمٌ عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ يَكُونُ جَامِعًا بَيْنَ الْمَوْجُودِ وَالْمَعْدُومِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَيَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْ هَذَا وَذَلِكَ بِأَنْ يَكْتُبَ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا وَلَوْ ذَكَرَ صِفَةَ الْمَاءِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا قَبْلَ هَذَا فَذَلِكَ أَحْسَنُ وَأَوْثَقُ ثُمَّ يَذْكُرُ الْحُدُودَ الْأَرْبَعَةَ وَيَكْتُبُ: بِحُدُودِهَا كُلِّهَا وَالْبَيْتِ الَّذِي عَلَى هَذِهِ الْقَنَاةِ وَالرَّحَى الدَّوَّارَةِ فِيهِ بِأَدَوَاتِهَا وَآلَاتِهَا الْحَجَرِيَّةِ وَالْخَشَبِيَّةِ وَالْحَدِيدِيَّةِ وَبَكَرَاتِهَا وَدِلَائِهَا وَحُقُوقِهَا وَتَوَابِيتِهَا وَنَوَاعِيرِهَا بِأَجْنِحَتِهَا وَأَلْوَاحِهَا الْمَفْرُوشَةِ فِي أَرْضِهَا وَمَلْقَى أَحْمَالِهَا وَمَوْقِفِ دَوَابِّهَا فِي حُقُوقِهَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(إنْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَجَمَةً) يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ الْأَجَمَةَ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا اشْتَرَاهَا بِقَصَبِهَا الْقَائِمِ فِيهَا بِأُصُولِ قَصَبِهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا قَصَبٌ مَحْصُودٌ دَخَلَ فِي هَذَا الْبَيْعِ ذَكَرَ أَيْضًا وَقَصَبَهَا الْمَحْصُودَ الْمَوْضُوعَ فِيهَا حُزَمًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ سَفِينَةً) قُلْتَ: اشْتَرَى جَمِيعَ السَّفِينَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا كَذَا وَهِيَ سَفِينَةٌ مِنْ خَشَبِ كَذَا أَلْوَاحُهَا كَذَا وَعَوَارِضُهَا كَذَا وَطُولُهَا كَذَا وَعَرْضُهَا كَذَا اشْتَرَاهَا بِعَوَارِضِهَا وَأَلْوَاحِهَا وَسُكَّانِهَا وَدَقَلِهَا وَمَرَادِيهَا وَهِيَ كَذَا كَذَا مَرْدِيًّا وَمَجَادِيفِهَا وَهِيَ كَذَا مِجْدَافًا وَخَشَبِهَا وَحُصُرِهَا وَجَمِيعِ أَدَوَاتِهَا وَآلَاتِهَا الَّتِي تُسْتَعْمَلُ بِهَا الدَّاخِلَةِ فِيهَا وَالْخَارِجَةِ مِنْهَا وَشِرَاعِهَا وَلُبُودِهَا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمَا إيَّاهَا بِعَيْنِهَا وَنَظَرِهِمَا إلَيْهَا وَتَحْرِيمِ مَا فِيهَا بِكَذَا وَكَذَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ عَيْنًا أَوْ بِئْرًا لَيْسَ لَهَا أَرْضٌ تُسْقَى مِنْهَا وَإِنَّمَا هِيَ لِلْمَاشِيَةِ) يَكْتُبُ: اشْتَرَى مِنْهُ الْبِئْرَ الَّتِي فِي مَكَانِ كَذَا أَوْ الْعَيْنَ الَّتِي فِي مَكَانِ كَذَا وَيَذْكُرُ الْحُدُودَ وَيَذْكُرُ وَهِيَ عَيْنٌ مُدَوَّرَةٌ مُسْتَدَارُهَا كَذَا ذِرَاعًا بِذِرَاعِ كَذَا وَعُمْقُهَا كَذَا، وَكَذَا فِي الْبِئْرِ يَكْتُبُ اسْتِدَارَتَهَا وَعُمْقَهَا بِالذَّرْعِ وَيَكْتُبُ أَنَّهَا مَطْوِيَّةٌ بِالْآجُرِّ إنْ كَانَتْ وَيَكْتُبُ فِي الْعَيْنِ مَبْدَأَهَا وَمُنْتَهَاهَا وَيَكْتُبُ اشْتَرَى هَذِهِ الْبِئْرَ أَوْ هَذِهِ الْعَيْنَ مَعَ مَا حَوْلَهَا مِنْ الْأَرَاضِي قَدْرَ كَذَا ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ بِذِرَاعٍ وَسَطٍ وَإِنْ بَيَّنَ مَاءَهَا فَيَكْتُبُ وَمَاؤُهَا مَعِينٌ عَذْبٌ طَاهِرٌ فُرَاتٌ لَيْسَ بِمُنْتِنٍ وَلَا مِلْحٍ أُجَاجٍ فَهُوَ أَحْسَنُ وَأَحْوَطُ وَلَا يَكْتُبُ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْعَيْنِ وَالْبِئْرِ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ فَكَيْفَ يَبِيعُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قِطْعَةً مِنْ أَرْضٍ كَبِيرَةٍ وَلِتِلْكَ الْقِطْعَةِ حُدُودٌ بِأَعْلَامٍ مَنْصُوبَةٍ كَأَشْجَارٍ مَعْلُومَةٍ فَإِنَّكَ تَحُدُّ الْأَرْضَ ثُمَّ تَكْتُبُ هَذِهِ: الْقِطْعَةُ مِمَّا يَلِي أَحَدَ حُدُودِهَا مَنْبَتُ أَشْجَارِ كَذَا وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ كَذَا (وَطَرِيقٌ آخَرُ) وَهُوَ أَقْطَعُ لِلشَّغَبِ مَتَى قُلِعَتْ الْأَشْجَارُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَعْلَامٌ أَنْ تُحَدَّ الْأَرْضُ الْكَبِيرَةُ وَتُبَيَّنُ جِهَةُ الْقِطْعَةِ مِنْهَا شَمَالًا أَوْ جَنُوبًا أَوْ النَّاحِيَةَ الشَّرْقِيَّةَ أَوْ الْغَرْبِيَّةَ ثُمَّ تُذْكَرُ ذُرْعَانُهَا طُولًا وَعُرِضَا وَكَذَلِكَ إذَا اُسْتُثْنِيَتْ الْقِطْعَةُ الصَّغِيرَةُ مِنْ الْكَبِيرَةِ.
(وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مَمْلُوكًا) تُبَيِّنُ جِنْسَهُ وَاسْمَهُ وَحِلْيَتَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَتَزِيدُ إذَا كَانَ بَالِغًا أَنَّهُ مُقِرٌّ بِالْعُبُودِيَّةِ لَا دَاءَ فِيهِ وَلَا غَائِلَةَ وَلَا خِبْثَةَ وَلَوْ زِدْتَ: وَلَا عَيْبَ كَانَ أَحْوَطَ وَأَعَمَّ وَيَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ مَعْنَى الدَّاءِ وَالْغَائِلَةِ وَالْخَبَثَةِ فَنَقُولُ: الدَّاءُ كُلُّ عَيْبِ بَاطِنٍ ظَهَرَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ فَمِنْهُ وَجَعُ الطِّحَالِ وَالْكَبِدِ وَالرِّئَةِ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ (تاسه) وَ(دَمه دل) وَالسُّعَالُ وَفَسَادُ الْحَيْضِ وَالْبَرَصُ وَالْجُذَامُ وَالْبَوَاسِيرُ وَالذَّرَبُ وَهُوَ فَسَادُ الْمَعِدَةِ وَالصَّفَرُ وَهُوَ الْمَاءُ الْأَصْفَرُ فِي الْبَطْنِ وَالْحَصَاةُ وَالْفَتْقُ وَهُوَ رِيحُ الْأَمْعَاءِ وَعِرْقُ النِّسَاءِ وَهُوَ عِرْقُ الْفَخِذِ وَالنَّاسُورُ وَالْجَرَبُ وَالْخَنَازِيرُ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ الْأَسْقَامِ وَالْأَدْوَاءِ، وَأَمَّا الْجُنُونُ وَالْوَسْوَاسُ وَالْبَوْلُ فِي الْفِرَاشِ وَالْبَيَاضُ فِي الْعَيْنِ وَالْأُصْبُعُ الزَّائِدَةُ وَالصَّمَمُ وَالْعَشَى وَالشَّلَلُ وَالْعَرَجُ وَالشَّجَّةُ وَاللُّكْنَةُ وَالشَّامَةُ فَهَذَا كُلُّهُ عَيْبٌ وَلَيْسَ بِدَاءٍ وَأَمَّا الْغَائِلَةُ فَالْإِبَاقُ وَالسَّرِقَةُ وَأَنْ تَكُونَ الْجَارِيَةُ زَانِيَةً وَالْعَبْدُ يَكُونُ طَرَّارًا أَوْ نَبَّاشًا أَوْ قَاطِعَ الطَّرِيقِ فَهَذَا كُلُّهُ غَائِلَةٌ وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّقِيقِ وَالدَّاءُ فِي الْحَيَوَانَاتِ كُلِّهَا وَأَمَّا الْخَبَثَةُ فَهِيَ الزِّنَا وَنَحْوُهُ وَالْعَوَارُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي أَصْنَافِ الثِّيَابِ وَهُوَ الْخَرْقُ وَالْغُضُونُ.
(وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ ثِمَارَ كَرْمٍ أَوْ قَرْيَةً أَوْ زَرْعًا) كَتَبْتَ جَمِيعَ الثِّمَارِ الَّتِي فِي كَرْمِهِ ثُمَّ تَحُدُّهُ ثُمَّ تَقُولُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الثِّمَارِ الْقَائِمَةِ الَّتِي هِيَ فِي جَمِيعِ هَذَا الْكَرْمِ الْمَحْدُودِ فِيهِ فَتَصِفُ الثِّمَارَ كُلَّهَا عَلَى مَا يَكُونُ فِيهِ مِنْ الْعِنَبِ وَالْخَوْخِ وَالْمِشْمِشِ وَهِيَ ثِمَارٌ قَدْ بَدَا صَلَاحُهَا أَوْ زَرْعٌ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ بِكَذَا كَذَا دِرْهَمًا بَيْعًا صَحِيحًا لِيَجُذَّهَا وَيَقْطَعَهَا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي اسْتِبْقَاءَ الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ فَلَهُ وَجْهَانِ إنْ شِئْتَ ذَكَرْتَ أَنَّ فُلَانًا الْبَائِعَ هَذَا أَبَاحَ لِلْمُشْتَرِي تَرْكَ الثِّمَارِ الْمَبِيعَةِ الْمُسَمَّاةِ فِي هَذِهِ الْأَشْجَارِ إلَى وَقْتِ كَذَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَانَ فِي الْبَيْعِ وَيُنْهِي الْكِتَابَ، غَيْرَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ، فَتَمَامُ هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَقُولَ مَتَى رَجَعَ عَنْ هَذَا الْإِذْنِ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي تَرْكِ هَذِهِ الثِّمَارِ أَوْ الزَّرْعِ إلَى الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ الْمَذْكُورِ فِيهِ بِإِذْنٍ جَدِيدٍ مُسْتَقْبَلٍ (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ وَيَكْتُبَ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْمُشْتَرِيَ اسْتَأْجَرَ مِنْ هَذَا الْبَائِعِ الْمُسَمَّى فِيهِ جَمِيعُ هَذِهِ الْأَرْضِ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ هَذِهِ الزُّرُوعَ لَهُ وَقَبَضَهَا مِنْ الْبَائِعِ الْمُسَمَّى فِيهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَانَ فِي هَذَا الْبَيْعِ بِحُدُودِهَا كُلِّهَا وَحُقُوقِهَا كَذَا كَذَا أَشْهُرًا مُتَوَالِيَةً مِنْ لَدُنْ هَذَا التَّارِيخِ إجَارَةً صَحِيحَةً نَافِذَةً لَا فَسَادَ فِيهَا وَلَا خِيَارَ يَسْقِي هَذَا الْمُشْتَرِي هَذِهِ الزُّرُوعَ الْمُشْتَرَاةَ فِيهَا هَذِهِ الْمُدَّةَ ثُمَّ يَكْتُبُ: قَبَضَ الْأَرْضَ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الزُّرُوعِ لَا فِي الْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْأَشْجَارِ لِاسْتِبْقَاءِ الثِّمَارِ عَلَيْهَا فَالْوَجْهُ الْإِذْنُ وَالْإِبَاحَةُ عَلَى مَا مَرَّ.
(وَإِنْ اشْتَرَى الرَّجُلُ الْمَنْزِلَ مِنْ نَفْسِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ) كَتَبْتَ: هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ نَفْسِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فُلَانٍ وَهُوَ ابْنُ كَذَا سَنَةً بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ بِمِثْلِ قِيمَةِ الْمُشْتَرَى لَا وَكْسَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ جَمِيعَ الْمَنْزِلِ الْمَبْنِيِّ وَيَصِفُ الْمَنْزِلَ وَيَذْكُرُ عَدَدَ بُيُوتِهِ وَمَوْضِعَهُ وَحُدُودَهُ وَيُتِمُّ الصَّكَّ إلَى آخِرِ ذِكْرِ قَبْضِ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ ذَكَرْتَ ذَلِكَ وَقُلْتَ قَبَضَ هَذَا الْعَاقِدُ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ هَذَا الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ فِيهِ قَبْضًا صَحِيحًا وَوَقَعَتْ الْبَرَاءَةُ لِهَذَا الصَّغِيرِ الْمُشْتَرَى لَهُ مِنْ هَذَا الثَّمَنِ كُلِّهِ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ وَقَبَضَ هَذَا الْعَاقِدُ مِنْ نَفْسِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ هَذَا جَمِيعَ هَذَا الْمَنْزِلِ فَارِغًا قَبْضًا صَحِيحًا فَصَارَتْ يَدُهُ فِيهِ يَدَ أَمَانَةٍ وَحِفْظٍ لِهَذَا الصَّغِيرِ بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ بَعْدَمَا كَانَتْ يَدَ مِلْكٍ وَقَامَ هَذَا الْعَاقِدُ مِنْ مَجْلِسِ هَذَا الْعَقْدِ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَتَمَامِهِ وَفَارَقَهُ بِبَدَنِهِ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ كُلِّهِ إقْرَارًا صَحِيحًا فَإِنْ كَانَ الْأَبُ أَبْرَأَهُ عَنْ الثَّمَنِ كَتَبْتَ وَأَبْرَأَ هَذَا الْعَاقِدُ ابْنَهُ الصَّغِيرَ الْمُشْتَرَى لَهُ هَذَا مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ إبْرَاءً صَحِيحًا صِلَةً مِنْهُ وَعَطِيَّةً وَمَبَرَّةً وَشَفَقَةً وَوَقَعَتْ الْبَرَاءَةُ لِهَذَا الصَّغِيرِ الْمُشْتَرَى لَهُ مِنْ جَمِيعِ هَذَا الثَّمَنِ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي هَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ الْأَبَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْغَيْرِ فِي الْبَيْعِ مِنْ وَلَدِهِ وَفِي الشِّرَاءِ مِنْ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
فَإِنْ اشْتَرَى الْأَبُ دَارَ ابْنِهِ لِنَفْسِهِ كَتَبْتَ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ لِابْنِهِ فُلَانٍ بِنَحْوٍ مِنْ قِيمَتِهِ وَابْنُهُ فُلَانٌ يَوْمَئِذٍ صَغِيرٌ فِي حِجْرِهِ يَلِي عَلَيْهِ أَبُوهُ إلَى أَنْ يَقُولَ: وَقَبَضَ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهِ فُلَانٍ جَمِيعَ هَذَا الثَّمَنِ وَقَبَضَ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ لِنَفْسِهِ وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَزِنَ الثَّمَنَ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ وَيُقْبِضَهُ لِابْنِهِ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِابْنِهِ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَأَرَادَ أَنْ يَبْرَأَ مِنْهُ كَانَ لِلَّذِي يُبْرِئُهُ مِنْهُ أَنْ يَزِنَهُ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ وَيَقُولَ اشْهَدُوا أَنَّهُ كَانَ لِابْنِي الصَّغِيرِ فُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا وَقَدْ أَخْرَجْتُهُ مِنْ مَالِي وَهُوَ هَذَا قَبَضْتُهُ لَهُ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّ الْأَبَ لَا يَبْرَأُ مِنْ دَيْنِ ابْنِهِ بِالْإِخْرَاجِ وَالْإِشْهَادِ وَهُوَ دَيْنٌ عَلَى حَالِهِ وَعَلَى هَذَا شِرَاءُ الْوَصِيِّ لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ غَيْرَ أَنَّ الشَّرْطَ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَيُلْحِقَ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَإِنْ اشْتَرَى الصَّغِيرُ مِنْ مَالِ أَبِيهِ بِإِذْنِهِ وَهُوَ أَحْوَطُ مَا يَكُونُ مِنْ بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْأَبِ لِلصَّغِيرِ كَتَبْتَ: هَذَا مَا اشْتَرَى الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي هَذَا الشِّرَاءِ مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ لَا وَكْسَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ مِنْ أَبِيهِ فُلَانٍ ثُمَّ يُنْهَى الصَّكُّ كَمَا يُنْهَى صَكُّ الْأَجَانِبِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(وَإِنْ اشْتَرَى الْمُتَوَلِّي وَالْقَيِّمُ لِلْوَقْفِ بِمَالِ الْوَقْفِ) يَكْتُبُ فِيهِ: هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانٌ الْقَيِّمُ فِي وَقْفِ كَذَا أَوْ يَكْتُبُ الْمُتَوَلِّي فِي وَقْفِ كَذَا مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي فُلَانٍ بِمَالِ هَذَا الْوَقْفِ الْمُجْتَمِعِ عِنْدَهُ مِنْ غَلَّاتِهِ تَثْمِيرًا لِمَالِ هَذَا الْوَقْفِ وَمَعُونَةً لَهُ عَلَى النَّوَائِبِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ كَذَا وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُزَادَ هَاهُنَا وَكَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ هَذَا أَنْ يُشْتَرَى بِالْمُجْتَمِعِ مِنْ غَلَّاتِهِ مُسْتَغَلًّا آخَرَ يَنْضَمُّ إلَى مَا وَقَفَهُ إذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى شَيْئًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ) ثُمَّ إنَّهُ وَلَّى غَيْرَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا كَتَبَ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَقَرَّ عِنْدَهُمْ فِي حَالِ صِحَّةِ بَدَنِهِ وَثَبَاتِ عَقْلِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ طَائِعًا رَاغِبًا لَا عِلَّةَ بِهِ تَمْنَعُ صِحَّةَ إقْرَارِهِ مِنْ مَرَضٍ وَلَا غَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَى مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ مَا تَضَمَّنَهُ كِتَابُ شِرَاءٍ هَذِهِ نُسْخَتُهُ وَيَنْسَخُ كِتَابَ الشِّرَاءِ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْإِشْهَادِ ثُمَّ يَقُولُ وَإِنَّ فُلَانًا وَلَّى فُلَانًا جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ فِيهِ بِثَمَنِهِ الَّذِي كَانَ ابْتَاعَهُ بِهِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْكِتَابِ تَوْلِيَةً صَحِيحَةً لَا شَرْطَ فِيهَا وَلَا خِيَارَ وَأَنَّ فُلَانًا قَبِلَ هَذِهِ التَّوْلِيَةَ قَبُولًا صَحِيحًا وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ بِتَمَامِهِ وَدَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ وَبَرِئَ مِنْهُ إلَيْهِ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ ثُمَّ يَكْتُبُ قَبْضَ الْمَبِيعِ وَالرُّؤْيَةَ وَتَفَرُّقَهُمَا وَضَمَانَ الدَّرْكِ لِلْمُوَلِّي عَلَى الْمُوَلَّى ثُمَّ يَكْتُبُ الْإِشْهَادَ وَعَلَى هَذَا فُصِلَ الشَّرِيكُ إلَّا أَنَّكَ تَقُولُ مَكَانَ وَلَّاهُ شَرَكَهُ بِالنِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَّفِقُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ رُبْعِهِ وَعَلَى هَذَا بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ غَيْرَ أَنَّكَ تَذْكُرُ بَاعَهُ مِنْهُ مُرَابَحَةً بِرِبْحِ كَذَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.